السبت 18 شوّال 1445 - 27 ابريل 2024
العربية

لماذا تقدم المرأة طاعة زوجها الغريب على والديها الذين تعبا في تربيتها؟!

315493

تاريخ النشر : 14-01-2024

المشاهدات : 939

السؤال

لا أفهم لماذا يتمتع الزوج بالحقوق العليا على الزوجة حتى أكثر من والديها، الذين قدّموا تضحيات كثيرة لرعايتها وتربيتها، لماذا تعمل بجدّ وتربي ابنتك فقط لتقدمها لشخص غريب، عليها أن تطيعه أكثر منك؟

الجواب

الحمد لله.

لا يسقط حق الوالدين على المرأة بزواجها، فيلزمها البر والصلة والإحسان كما كان قبل زواجها.

غاية الأمر أن طاعتها لزوجها تقدم على طاعتها لوالديها عند التعارض.

قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها. "شرح منتهى الإرادات" (3/47).

وفي "الإنصاف" (8/362): " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها , ولا زيارةٍ ونحوها . بل طاعة زوجها أحق".

وقد ورد في ذلك حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ما رواه الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها . قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال : أمه .

غير أنه حديث ضعيف ضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب" (1212) وأنكر على المنذري تحسينه .

والحكمة في ذلك بينة. فالمرأة بعد زواجها تنتقل إلى بيت زوجها وطاعته، وتنشأ بينهما حقوق مشتركة، من الاستمتاع، والنفقة، وتربية الأولاد، والقيام بالبيت، وقد جعل الله القوامة للرجل في بيته، فهو القائد والموجه، وهذا يقتضي أن تكون الطاعة له.

فالمرأة مأمورة بطاعة زوجها، ولا ينبغي أن يستريب إنسان في أهمية ذلك، وأنه بدونه لا تستقيم الحياة بينهما. قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) النساء/34

وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت )" وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم (660).

وروى ابن ماجه (1853) عن عبد الله بن أبي أوفى قال: "لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: (ما هذا يا معاذ؟) قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تفعلوا،  فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ، ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه) والحديث صححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير.

ثم إن ما ذكرنا يقتضي تقديم طاعة الزوج على طاعة الوالدين، لأن الزوج أصبح القائد المباشر، والموجه القريب. ولك أن تتخيل أن الزوج يأمر زوجته بالبقاء في البيت مثلا، ويأمرها والدها بالخروج، أو العكس، أو يمنعها زوجها من زيارة فلانة، فيأمرها والدها بزيارتها، فإن استجابت الزوجة لوالدها وعصت زوجها، ساءت علاقتها معه، وأدى ذلك إلى تنغيص عيشهما وربما أدى إلى فراقهما.

ولا ندري هل يرضى السائل لنفسه ذلك؟

هل يرضى أن تكون زوجته تابعة لأمر والديها، تقدم أمرهما على أمره، فتعصيه وتطيعهما؟!

وليست القضية أن الأبوين تعبا في التربية والتضحية ثم تذهب البنت فتطيع غيرهما، فإنه على هذا المنطق يقال: لماذا تتزوج وتفارق والديها وقد تعبا في تربيتها ؟ حتى إذا ما كبرت ذهبت إلى الغريب وتركتهما؟!

وبهذا نمنع الزواج !

إن الوالدين المدركين لسنة الحياة ولضرورة وأهمية الزواج لبنتهما، يدركان أنه لا بد من مفارقتها لهما بعد سنوات التربية والتضحية، ويدركان أنها إذا انتقلت إلى الزوج كان أحق بأمرها وتقويمها، وأنها إن قدمت طاعتهما على طاعته، فسدت حياتها، وعادت إلى بيت والديها غالبا، فكان الأولى بهما عدم تزويجها.

إن من تمام تربية البنت أن يقال لها: إن طاعة زوجك مقدمة، وإن سعادتك في طاعته، وإن لك الأُسوة في والدتك، ألا ترين أنها تطيع أباك وتقدم طاعته على والديها؟

فبهذا تستقيم الحياة، وتبنى البيوت السليمة، ويتعاون الجميع على امتثال أمر الشرع.

وينظر جواب السؤال (289549)

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب