الحمد لله.
هذا الحديث رواه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (125)، والمستغفري في "فضائل القرآن" (764)، وغيرهما: عن مُحَمَّد بْن زُنْبُورٍ الْمَكِّيّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(إِنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَالْآيَتَيْنِ مِنْ آلِ عِمْرَانَ: ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ )، و ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ) إِلَى قَوْلِهِ: ( وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) مُعَلَّقَاتٌ، مَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حِجَابٌ، لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُنْزِلَهُنَّ تَعَلَّقْنَ بِالْعَرْشِ قُلْنَ: رَبَّنَا، تُهْبِطُنَا إِلَى أَرْضِكَ، وَإِلَى مَنْ يَعْصِيكَ.
فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بِي حَلَفْتُ، لَا يَقْرَأُكُنَّ أَحَدٌ مِنْ عِبَادِي دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ إِلَّا جَعَلْتُ الْجَنَّةَ مَثْوَاهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَإِلَّا أَسْكَنْتُهُ حَظِيرَةَ الْقُدُسِ، وَإِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ بِعَيْنِي الْمَكْنُونَةِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ نَظْرَةً، وَإِلَّا قَضَيْتُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ حَاجَةً، أَدْنَاهَا الْمَغْفِرَةُ، وَإِلَّا أَعَذْتُهُ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ وَنَصَرْتُهُ مِنْهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا الْمَوْتُ) .
وهذا الحديث: قد نص عدد من العلماء على أنه مكذوب موضوع لا يصح؛ لأنه من رواية الْحَارِث بْن عُمَيْرٍ.
قال عنه الذهبي رحمه الله تعالى: " وثقه ابن معين من طريق إسحاق الكوسج عنه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، وما أراه إلا بيّن الضعف، فإن ابن حبان قال في "الضعفاء": روى عن الأثبات الأشياء الموضوعات.
وقال الحاكم: روى عن حميد، وجعفر الصادق أحاديث موضوعة" انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/440).
وممن نص على هذا الحكم ابن حبان في "المجروحين" (1/223)، وابن الجوزي في "الموضوعات" (1/245)، والألباني في "السلسلة الضعيفة" (2/138).
وذهب بعضهم إلى أن آفة الحديث ليست الحارث بن عمير بل الراوي عنه وهو مُحَمَّد بْن زُنْبُورٍ الْمَكِّيّ.
قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:
" والذي يستنكر من حديث الحارث حديثان: الأول رواه محمد بن زنبور المكي عن الحارث عن حميد، والثاني رواه ابن زنبور أيضاً عن الحارث عن جعفر بن محمد، فاستنكرهما ابن حبان، وكان عنده أن ابن زنبور ثقة، فجعل الحمل على الحارث، وخالفه آخرون فجعلوا الحمل على ابن زنبور " انتهى من "التنكيل" (1/432).
ومن قرائن الوهاء وعدم الثبوت في هذا الحديث: ما فيه من مبالغة في الثواب تشبه المبالغات والمجازفات التي ترد عادة في الأحاديث المنكرة والموضوعة.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" ونحن ننبه على أمور كلية، يعرف بها كون الحديث موضوعا:
فمنها: اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كثيرة جدا... " انتهى من "المنار المنيف" (ص 50).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" ومن جملة القرائن الدالة على الوضع: الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر اليسير، أو بالوعد العظيم على الفعل اليسير، وهذا كثير موجود في حديث القصاص والطرقية، والله أعلم " انتهى من "النكت" (2/844).
فتبين بهذا أن الحديث غير صحيح.
وفي الأحاديث الصحيحة الكثيرة الواردة في بيان الأذكار التي تقال عقب الصلاة ما يغني عن هذا الحديث الضعيف وأمثاله.
ينظر جواب السؤال (132386)، (6092)
والله أعلم.
تعليق