الحمد لله.
يشترط لصحة الطواف أن تكون الكعبة عن يسار الطائف ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين.
فإن طاف والبيت عن يمينه أو أمامه أو خلفه، لم يصح.
وإن فعل ذلك لزحام أو أمر عارض كالرجوع إلى رفيقه مثلا، ثم عاد هذه الخطوات والكعبة عن يساره، صح طوافه.
قال في "المغني" (3/ 347): "ولو نكس الطواف، فجعل البيت على يمينه، لم يجزئه. وبه قال مالك، والشافعي.
وقال أبو حنيفة: يعيد ما كان بمكة، فإن رجع جبره بدم؛ لأنه ترك هيئة ، فلم تمنع الإجزاء، كما لو ترك الرمل والاضطباع.
ولنا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل البيت في الطواف على يساره، وقال - عليه السلام -: لتأخذوا عني مناسككم .
ولأنها عبادة متعلقة بالبيت، فكان الترتيب فيها واجبا، كالصلاة.
وما قاسوا عليه مخالف لما ذكرنا، كما اختلف حكم هيئة الصلاة وترتيبها" انتهى.
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 573): "و (لا) يجزئ طوافه (خارجه) ، أي المسجد ، لأنه لم يرد به الشرع ...
(أو منكسا) ، أي : لو جعل البيت عن يمينه ، وطاف : لم يجزئه ، لأنه صلى الله عليه وسلم جعله عن يساره في طوافه . وقال: خذوا عني مناسككم ، (ونحوه) كما لو طاف القهقرى فلا يجزئه لما تقدم" انتهى.
وقال الشرواني في حاشيته على "تحفة المحتاج" (4/ 76): " فليحترز الطائف المستقبل للبيت لنحو دعاء، كزحمة، عن أن يمر منه أدنى جزء، قبل عوده إلى جعل البيت عن يساره" انتهى.
وقال أبو بكر شطا في "إعانة الطالبين" (2/ 336): "(قوله: جعل البيت عن يساره) أي في كل خطوة من خطوات طوافه، فلو مر منه جزء، وهو مستقبل البيت أو مستدبره، لدعاء أو زحمة أو استلام أو نحوها، بطلت تلك الخطوة وما بني عليها ، حتى يرجع إلى محله الذي وقع الخلل فيه، أو يصل إليه فيما بعد تلك الطوفة" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وهناك بعض الناس لا يلتزم بجعل الكعبة عن يساره ، فتجده يطوف معه نساؤه ، ويكون قد وضع يده مع زميله لحماية النساء ، فتجده يطوف والكعبة خلف ظهره ، وزميله الآخر يطوف والكعبة بين يديه ، وهذا خطأ عظيم أيضا، لأن أهل العلم يقولون : من شرط صحة الطواف أن يجعل الكعبة عن يساره ، فإذا جعلها خلف ظهره ، أو جعلها أمامه ، أو جعلها يمينه وعكس الطواف، فكل هذا طواف لا يصح . والواجب على الإنسان أن يعتني بهذا الأمر، وأن يحرص على أن تكون الكعبة عن يساره في جميع طوافه.
ومن الناس من يجعل الكعبة خلف ظهره ، أو أمامه ، لبضع خطوات ، من أجل الزحام ، وهذا خطأ .
فالواجب على المرء أن يحتاط لدينه ، وأن يعرف حدود الله تعالى في العبادة قبل أن يتلبس بها ، حتى يعبد الله تعالى على بصيرة" انتهى من "دليل الأخطاء التي يقع فيها الحاج والمعتمر".
والله أعلم.
تعليق