الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

خطبة حديث العرباض بن سارية

316647

تاريخ النشر : 27-11-2019

المشاهدات : 40121

السؤال

هل لدينا رواية الخطبة الكاملة كما في حديث العرباض بن سارية التي حركت قلوب الصحابة وسببت بكائهم ؟

الجواب

الحمد لله.

عَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: "وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ:  أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ   رواه أبو داود (4607)، والترمذي (2676) وقال " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

ولم نقف على أي رواية تذكر نص الخطبة التي أشار إليها هذا الحديث؛ لكن قال ابن رجب رحمه الله تعالى:

" وقولهم: ( يا رسول الله، كأنها موعظة مودع، فأوصنا!)، يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة ما لم يبلغ في غيرها، فلذلك فهموا أنها موعظة مودّع، فإن المودِّع يستقصي ما لا يستقصي غيره في القول والفعل، ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي صلاة مودِّع، لأنّه من استشعر أنه مودِّع بصلاته، أتقنها على أكمل وجوهها.

ولربما كان قد وقع منه صلى الله عليه وسلم تعريض في تلك الخطبة بالتّوديع، كما عرَّض بذلك في خطبته في حجة الوداع، وقال: ( لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )، وطفق يودِّع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع.

ولما رجع من حجِّه إلى المدينة، جمع الناس بماء بين مكة والمدينة يسمى خُمّا، وخطبهم، وقال: ( يا أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب )، ثم حض على التمسك بكتاب الله، ووصى بأهل بيته. خرّجه مسلم.

وفي "الصحيحين" ولفظه لمسلم عن عقبة بن عامر قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد، ثم صعد المنبر كالمودِّع للأحياء والأموات، فقال: ( إني فرطكم على الحوض، فإن عَرضَه، كما بين أَيْلة إلى الجُحفة، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها، وتقتتلوا، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم ) قال عقبة: فكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر).

وخرجه الإمام أحمد ولفظه: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودِّع للأحياء والأموات، ثم طلع المنبر، فقال: ( إني فرطكم، وأنا عليكم شهيد، وإن موعدكم الحوض، وإني لأنظر إليه، ولست أخشى عليكم الكفر، ولكن الدنيا أن تنافسوها ).

وخرَّج الإمام أحمد أيضا عن عبد الله بن عمرو قال:" خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودِّع، فقال: ( أنا محمد النبي الأمي - قال ذلك ثلاث مرات - ولا نبي بعدي، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه. وجوامعه، وعلمت كم خزنة النار، وحملة العرش.

وتجوز لي ربي، وعُوفيتُ، وعُوفِيَتْ أمَّتي، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم، فإذا ذُهِب بي، فعليكم بكتاب الله، أحِلُّوا حلاله، وحرموا حرامه".

فلعل الخطبة التي أشار إليها العرباض بن سارية في حديثه كانت بعض هذه الخطب، أو شبيها بها مما يشعر بالتوديع " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2 / 114 - 116).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب