الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

اشترى غائبا بغير صفة واشترى مع تأجيل العوضين فكيف يتوب من ذلك؟

316900

تاريخ النشر : 04-12-2019

المشاهدات : 3068

السؤال

لقد قمت مؤخرا بشراء بعض السلع من الإنترنت ، وبعض هذه السلع كنت أشتري مجهولا بدون أي وصف ، والبعض الآخر اشتريته عن طريق تأجيل العوضين؛ الثمن والمثمن ، وقد كنت أعلم أن هذين المعاملتين حرام ، والآن أريد التوبة ، فهل من شروط التوبة أن أرد هذه البضاعة التي اشتريتها ؟ أم أنه لا بأس بتركها ، علما بأن البضاعة حلال وثمنها حلال ، ولكن الطريقتين اللتين اشتريتها بهما محرمتان؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز بيع الغائب إلا إذا كان البيع لشيء موصوف في الذمة، مما يصح فيه السلم، فإذا وُصف وصفا يزيل الجهالة، صح البيع.

وأما السلعة المعينة الغائبة: فلا يجوز، ولا يصح بيعها، لعدم العلم بالمبيع.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 12): " الشرط (السادس: معرفة مبيع) ; لأن الجهالة به: غرر، ولأنه بيع، فلم يصح مع الجهل بالمبيع، كالسلم.

وقوله تعالى" وأحل الله البيع [البقرة: 275] : مخصوص بما إذا علم المبيع.

وحديث: ( من اشترى ما لم يره ، فهو بالخيار إذا رآه ) : يرويه عمر بن إبراهيم الكردي، وهو متروك الحديث. ويحتمل أن معناه: إذا أراد شراءه ، فهو بالخيار بين العقد عليه وتركه .

(برؤية متعاقدين) ...

(أو) معرفة مبيع بـ (وصفِ ما) أي: مبيع (يصح السلم فيه بما) أي وصف (يكفي فيه) أي السلم، بأن يذكر ما يختلف به الثمن غالبا، ويأتي في السلم، لقيام ذلك مقام رؤيته، في حصول العلم به، فالبيع بالوصف: مخصوص بما يصح السلم فيه" انتهى.

وهذا مذهب الجمهور.

وذهب بعض أهل العلم إلى صحة بيع المعين الغائب، من غير صفة، ويكون مشتريه بالخيار إذا رآه، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد، ورجحه ابن عثيمين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "مسألة بيع الأعيان الغائبة: وعن أحمد فيه ثلاث روايات: إحداهن: لا يصح بيعه بحال، كقول الشافعي في الجديد.

والثانية: يصح وإن لم يوصف، وللمشتري الخيار إذا رآه، كقول أبي حنيفة، وقد روي عن أحمد: لا خيار له.

والثالثة - وهي المشهورة - أنه يصح بالصفة، ولا يصح بدون الصفة، كالمطلق الذي في الذمة. وهو قول مالك" انتهى من "مجموع الفتاوى"(29/ 25).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (8/ 152): "قوله: أو وصف له بما لا يكفي سلما: لم يصح ، لعدم العلم بالمبيع .

ويأتينا ـ إن شاء الله ـ السلم ، وما الذي يمكن انضباطه والذي لا يمكن، فإذا وصف بما لا يكفي سلما، فإنه لا يصح البيع.

وقيل: إنه يصح أن يبيع ما لم يره ولم يوصف له، ولمشتر الخيار إذا رآه، فيقول مثلا: بعت عليك سيارتي، فقال له: ما هذه السيارة؟ قال: إن شاء الله ستراها وتعرفها، قال له: بكم؟ قال: بخمسة آلاف، قال: اشتريت.

فعلى المذهب لا يصح؛ لأنه لم يرها ولم توصف له.

ومذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ أنه يصح البيع، ويكون للمشتري الخيار إذا رآه. وهذا هو الصحيح، وهو شبيه ببيع الفضولي؛ لأنه إذا كان له الخيار إذا رآه فليس عليه نقص.

فإذا قيل: كيف الطريق إلى تصحيح البيع على القول الأول؟

الجواب: أنه إذا رآه، عقد عليه من جديد" انتهى.

ثانيا:

لا يصح البيع مع تأجيل البدلين، ويسمى: بيع الكالئ بالكالئ.

قال ابن قدامة رحمه الله: "قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز. وقال أحمد: إنما هو إجماع. وقد روى أبو عبيد في الغريب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الكالئ بالكالئ. وفسره بالدين بالدين. إلا أن الأثرم روى عن أحمد، أنه سئل: أيصح في هذا حديث؟ قال: لا" انتهى من "المغني" (4/ 37).

وقال ابن القطان: " وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن بيع الدين بالدين لا يجوز" انتهى من "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 234).

ثالثا:

إذا اشتريت سلعة غائبة بلا وصف، وكانت السلعة لديك الآن، فإن طريقة تصحيح المعاملة أن تعقد البيع عليها من جديد.

فإن كانت السلعة قد ذهبت، فإنك تتوب إلى الله تعالى.

وكذا إن تبايعت مع تأجيل البدلين، فإن أمكن فسخ العقد، أو العقد على السلعة بعد وجودها، لزمك ذلك، وإن لم يمكن فتكفيك التوبة، بالندم على ما فات، والعزم على عدم العود إليه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب