الحمد لله.
أولا:
لا يجوز للمرأة سؤال الطلاق إلا لعذر؛ لما روى أحمد (22440) ، وأبو داود (2226) ، والترمذي (1187) ، وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة .
والحديث صححه ابن خزيمة وابن حبان كما ذكر الحافظ في الفتح (9/ 403)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"، وشعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
والبأس: الشدة والمشقة، كسوء عشرة الزوج، كضربها أو إهانته لها، أو إذا كان الزوج دميما بحيث تخشى ألا تقوم بحق زوجها لبغضها له، فيباح لها طلب الطلاق أو الخلع حينئذ.
فإذا كان زوجك يهينك، ويلحق بك الأذى المادي أو المعنوي، جاز لك طلب الطلاق أو الخلع، فإن لم يستجب، رفعت أمرك إلى القاضي الشرعي إن وجد، وإلا فلجماعة المسلمين من القائمين على المركز الإسلامي ونحوه، ليأمروا الزوج بالطلاق أو بالخلع، فإن لم يفعل: طلقوا عليه، وفرقوا بينكما.
قال العدوي في حاشيته على "كفاية الطالب الرباني" (2/ 133): " وجماعة المسلمين العدول يقومون مقام الحاكم في ذلك، وفي كل أمر يتعذر الوصول إلى الحاكم أو لكونه غير عدل" انتهى.
ثانيا:
إذا كان تهديد الزوج لك بالقتل حقيقيا، وخشيت على نفسك، جاز لك الخروج من بيته بلا إذنه، والرجوع إلى أهلك، أو الاحتماء بعائلة مسلمة، أو بالشرطة إن استدعى الأمر؛ إلى أن يتم الطلاق أو الخلع.
قال في "تحفة المحتاج" (8/ 326): "(والخروج من بيته) أي: من المحل الذي رضي بإقامتها فيه، ولو ببيتها، أو بيت أبيها كما هو ظاهر، ولو لعبادة، وإن كان غائبا بتفصيله الآتي، (بلا إذن) منه ولا ظن رضاه: عصيان و(نشوز) ؛ إذ له عليها حق الحبس في مقابلة المؤن ...
(إلا أن يُشرف) البيت أي: أو بعضه الذي يخشى منه ، كما هو ظاهر (على انهدام) .
وهل يكفي قولُها خشيت انهدامه، أو لا بد من قرينة تدل عليه عادة؟ كلٌّ محتمل، والثاني أقرب.
أو تخاف على نفسها، أو مالها ، كما هو ظاهر ، من فاسق، أو سارق ...
أو تحتاج للخروج لقاض لطلب حقها، أو الخروج لتعلم، أو استفتاء لم يغنها الزوج الثقة، أي: أو نحو محرمها - كما هو ظاهر- عنه" انتهى.
والحاصل:
أن إهانته لك، وإساءة عشرته لك: مما يبيح لك الطلاق، أو الخلع منه.
وخوفك على نفسك من تهديده لك: مما يبيح لك الهرب منه ، إلى مكان تأمنين فيه على نفسك، إلى أن يجعل الله لك فرجا ومخرجا، وتعودي إلى أهلك.
يسر الله لك أمرك ، وفرج كربك ، وكفاك، وآواك، ووقاك.
والله أعلم.
تعليق