الحمد لله.
هذه المسألة فيها تفصيل:
1-فإن كانت المرأة قد اشترطت عند العقد أن تكمل دراستها، لزم الزوج الوفاء بالشرط، وحرم عليه منعها من الدراسة؛ لما روى البخاري (2721)، ومسلم (1418) عن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال الشيخ ابن باز : " إذا اشترطت المرأة على خاطبها ألا يمنعها من التدريس أو من الدراسة فقبل ذلك ، وتزوجها على الشرط المذكور ، فهو شرط صحيح ، وليس له أن يمنعها من ذلك بعد الدخول بها ...
فإن منعها فلها الخيار : إن شاءت بقيت معه ، وإن شاءت طلبت الفسخ من الحاكم الشرعي " انتهى من " فتاوى إسلامية" (3/215) .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين : هل للإنسان أن يمنع زوجته من الدراسة ؟
فأجاب : " إن كانت قد اشترطت عليه عند العقد أن تكمل الدراسة ، فإنه لا يجوز أن يمنعها ؛ لقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة /1 .
وأما إذا لم تشترط عليه ذلك فله أن يمنع " انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/58).
فإن منعها، وقد اشترطت عليه : كان لها الخيار في البقاء أو طلب الفسخ ، كما سبق في فتوى الشيخ ابن باز، رحمه الله .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن لم يفعل ، فلها فسخ النكاح ، يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم" انتهى من "المغني" (9/483).
لكن إن كان يترتب على دراستها أمر محرم، كالاختلاط ، أو الخلوة مع الرجال، أو كان يترتب عليها تضييع ما عليها من واجبات كتربية الأولاد والقيام بالبيت، فله أن يمنعها حينئذ؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ : فَلَيْسَ لَهُ ، وَإِنْ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ متفق عليه .
قال ابن حجر : " المراد بما ليس في كتاب الله : ما خالف كتاب الله "انتهى من " فتح الباري" (5/188).
فكل شرط يخالف حكم الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يلزم الوفاء به ، وهو شرط لاغٍ .
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ ، إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا ، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا رواه الترمذي (1352)، وأبو داود (3594) وصححه الألباني.
2-وإن كانت لم تشترط ذلك عند العقد، فله منعها من الدراسة، لتتفرغ لزوجها وبيتها.
لكن ينبغي على الزوج ، في جميع الأحوال أن يمكن أهله من الدراسة الشرعية النافعة؛ لما لها من أثر على الزوجة والأولاد والزوج أيضا؛ فإن طلب العلم من أجل القربات، وصاحبه محمود في الأرض والسماوات، وينبغي عليها أن يفرح هو بذلك ، ويعينها عليه بما يمكنه ، لا سيما إن كانت الدراسة منزلية ، لا تتطلب منها خروجا ، ولاختلاطا ، ولا نفقة زائدة لا يقدر عليها ، ولا شيئا من ذلك كله .
كما ينبغي على الزوجة أن تجتهد في الجمع بين طلب العلم الشرعي الذي تحتاجه ، وتنتفع به ، والقيام بمهام البيت، وذلك ممكن والحمد لله، إذا نُظمت الأوقات، وأعطت كل شيء حقه ، دون تفريط أو إفراط.
والله أعلم.
تعليق