الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل تصح قصة موت النمرود ببعوضة دخلت في منخره ؟

320697

تاريخ النشر : 29-03-2020

المشاهدات : 107393

السؤال

انتشر بين الناس أن النمرود مات بسبب بعوضة أو ذبابة دخلت رأسه من أنفه وتعذب بسببها، وكان يأمر بضرب رأسه ليخف ألم الذبابة أو البعوضة الداخلة؛ وهذا لأنه جهز جيش من القردة ليحارب بهم الله، فما صحة القصة، وهل يجوز نشرها؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

النمروذ ، هُوَ كما ذكره أهل التاريخ والتفسير : نمروذ بن كنعان بن ريب بن نمروذ بن كوشى بن نوح ، وَهُوَ أول من ملك الأرض كلها وَهُوَ الَّذِي بنى الصرح ببابل ، وهو الذي حاج إبراهيم عليه السلام في ربه جل وعلا .

فعَنْ مُجَاهِدٍ في قوله تعالى :  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ  البقرة:/258، قَالَ : " هُوَ نَمْرُوذُ بْنُ كَنْعَانَ " انتهى من "تفسير مجاهد" (ص: 243).

وعن قتادة قال : " كنا نحدث أنه ملك يقال له نمروذ ، وهو أول ملك تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل " انتهى.

وعن الربيع قال : " ذكر لنا أن الذي حاج إبراهيم في ربه كان ملكا يقال له نمروذ ، وهو أول جبار تجبر في الأرض ، وهو صاحب الصرح ببابل " انتهى .

وينظر : "تفسير الطبري" (5/ 431).

ثانيا:

وأما قصة دخول البعوضة في منخره حتى ضُرب بالمطارق ، فقد أخرجها الطبري في "جامع البيان" (14/ 204)، وفي "تاريخ الرسل والملوك" (1/ 287) : 

قال : " حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم : " إن أول جبار كان في الأرض نمرود ، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره ، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، أرحم الناس به من جمع يديه فضرب رأسه بهما ، وكان جبارا أربع مائة سنة ، فعذبه الله أربع مائة سنة كملكه ، ثم أماته الله ، وهو الذي كان بنى صرحًا إلى السماء ، وهو الذي قال الله : ( فأتى الله بنيانهم من القواعد ، فخر عليهم السقف من فوقهم ) [النحل: 26]..." انتهى.

وهو خبر مرسل لا يصح ، وزيد بن أسلم كان في حفظه شيء ، وكان يرسل ويدلس ، مع كونه كان إمامًا صالحًا .

قال حماد بن زيد ، عن عبيد الله بن عمر : " لا أعلم به بأسا ، إلا أنه يفسر برأيه القرآن و يكثر منه " انتهى. 

وقال ابن عيينة : " كان زيد بن أسلم رجلا صالحا ، و كان في حفظه شيء " انتهى . 

وذكر ابن عبد البر في مقدمة " التمهيد " ما يدل على أنه كان يدلس. 

وينظر : "تهذيب التهذيب" (3 /396).

 وعليه: فهذا الخبر أقرب للإسرائيليات ، ولم يصح مثل هذا الخبر ولا نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد ضعفه الشيخ : محمد صبحي بن حسن حلاق - رحمه الله - في "صحيح وضعيف الطبري" (6/ 204).

ومع هذا فقد تناقل هذا الخبر عامة المفسرين والمؤرخين في كتبهم ، ولعل ذلك كان من باب العبرة بنهاية الظالمين والطغاة ، وأن الظالم مهما طغى وتكبر وتجبر ؛ فإن الله تعالى قادر على هلاكه بأضعف مخلوقاته .

ومثل هذه القصص ، ونحوها من الإسرائيليات: لا حرج في نقلها من باب العبرة والعظة؛ على ألا ينسب إلى رسول الله عليه وسلم إلا ما علم مخرجه، وثبت إسناده .

فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:   بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ   رواه البخاري في صحيحه (3461) .

وينظر جواب السؤال رقم : (221139)، ورقم : (290591) .

 والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب