الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

كرامات الشيخ عبد القادر الجيلاني

321470

تاريخ النشر : 30-12-2019

المشاهدات : 99237

السؤال

هل بالإمكان أن تخبرنا عن بعض المعجزات التي سمح الله بها للشيخ عبد القادر الجيلاني مع المراجع ؟

الجواب

الحمد لله.

الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى، هو: " الشيخ عبد القادر بن أبي صالح أبو محمد الجيلي، ومولده سنة سبعين وأربعمائة، وكان من الصلاح على حالة كبيرة، وهو حنبلي المذهب " انتهى من "الكامل في التاريخ" (9 / 326).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" و " الشيخ عبد القادر " ونحوه ، من أعظم مشايخ زمانهم أمراً بالتزام الشرع، والأمر والنهي، وتقديمه على الذوق والقدر، ومن أعظم المشايخ أمرا بترك الهوى والإرادة النفسية " انتهى من "مجموع الفتاوى" (10 / 488).

ومن مؤلفاته: كتاب "الغنية" و"فتوح الغيب"، قال عنهما ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقد صنف كتاب "الغنية"، و"فتوح الغيب"، وفيهما أشياء حسنة، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة .

وبالجملة : كان من سادات المشايخ الكبار، قدس الله روحه ، ونور ضريحه.

كانت وفاته ليلة السبت ثامن ربيع الآخر من هذه السنة -سنة إحدى وستين وخمسمائة- وله تسعون سنة، ودفن بالمدرسة التي كانت له " انتهى من "البداية والنهاية" (16 / 420).

واشتهر الشيخ بكرامات عدة، وليس بمعجزات؛ فالذي استقر عليه لسان أهل العلم ، واصطلاحهم: أن المعجزة من خصائص الأنبياء، والكرامة للصالحين.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" أما الكرامات، فهي جمع كرامة، والكرامة أمر خارق للعادة، يجريه الله تعالى على يد ولي، تأييدا له، أو إعانة، أو تثبيتا، أو نصرا للدين " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (8 / 626).

طالع للأهمية جواب السؤال رقم :(124838) في التفريق بين المعجزة والكرامة.

ومن كراماته؛ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وكذلك نقل الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد السهروردى، وحدثنيه عنه الشيخ عز الدين عبد الله بن أحمد بن عمر الفاروئي ، أنه سمع هذه الحكاية منه، ووجدتها معلقة بخط الشيخ موفق الدين أبي محمد بن قدامة المقدسى، قال السهروردى: كنت عزمت على أن أقرأ شيئا من علم الكلام وأنا متردد، هل أقرأ الإرشاد لإمام الحرمين؟ أو نهاية الإقدام للشهرستاني؟ أو كتاب شيخه؟ فذهبت مع خالي أبي النجيب، وكان يصلى بجنب الشيخ عبد القادر، قال: فالتفت الشيخ عبد القادر، وقال لي: يا عمر! ما هو من زاد القبر، ما هو من زاد القبر!!

فرجعت عن ذلك، فأُخبر أن الشيخ كاشفه بما كان في قلبه ، ونهاه عن الكلام الذي كان ينسب إليه القشيرى ونحوه  " انتهى من "الإستقامة" (1 / 87).

وتنسب للشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى كرامات كثيرة جدا؛ لكن أهل العلم نصوا على أن كثيرا منها لا يصح.

قال الذهبي رحمه الله تعالى:

" ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات أكثر من الشيخ عبد القادر، لكن كثيرا منها لا يصح، وفي بعض ذلك أشياء مستحيلة " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (20 / 450).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وفيه زهد كبير، وله أحوال صالحة ومكاشفات، ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات، ويذكرون عنه أقوالا وأفعالا ومكاشفات؛ أكثرها مغالاة " انتهى من "البداية والنهاية" (16 / 420).

والاشتغال بتمييز صحيحها من ضعيفها : أمر يشق ، وقد يتعذر، وهو أمر لا ينبني عليه عمل؛ فالاشتغال به تضييع للزمان في أمر ليس وراءه كبير منفعة ، لا في دين ، ولا دنيا ، ولا يترتب عليه شيء من عمل؛ وحسب المرء أن يعلم أن الشيخ الجيلاني من سادات الصالحين، وممن جعل الله له لسان صدق في الناس.

ويكفي للمسلم إذا مر عليه شيء من هذه الكرامات في الكتب المعتبرة لأهل العلم، أن يزنها بميزان الشرع؛ فإن وافقت أحكام الشرع رجى أن تكون مما صح من غير جزم، وإن كانت خلاف ذلك أنكرها، وهو الميزان الذي أرشد إليه الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" كما إن كثيرا من العباد يرى الكعبة تطوف به، ويرى عرشا عظيما وعليه صورة عظيمة، ويرى أشخاصا تصعد وتنزل ، فيظنها الملائكة ، ويظن أن تلك الصورة هي الله - تعالى وتقدس - ويكون ذلك شيطانا.

وقد جرت هذه القصة لغير واحد من الناس، فمنهم من عصمه الله ، وعرف أنه الشيطان ، كالشيخ عبد القادر في حكايته المشهورة حيث قال: كنت مرة في العبادة ، فرأيت عرشا عظيما وعليه نور، فقال لي: يا عبد القادر! أنا ربك ، وقد حلَّلْت لك ما حرمت على غيرك.

قال: فقلت له أنت الله الذي لا إله إلا هو؟! اخسأ يا عدو الله !!

قال: فتمزق ذلك النور ، وصار ظلمة، وقال:

يا عبد القادر! نجوت مني بفقهك في دينك، وعلمك ...، لقد فتنت بهذه القصة سبعين رجلا.

فقيل له: كيف علمت أنه الشيطان؟ قال بقوله لي: "حللت لك ما حرمت على غيرك"، وقد علمت أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنسخ ، ولا تُبدل " انتهى من"مجموع الفتاوى" (1 / 171 - 172).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب