الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

يريدون اتخاذ مصلى تحت عمارة مع رفض الجيران وقولهم إن المصلى سيذهب عنهم الراحة والسكينة

322235

تاريخ النشر : 24-02-2020

المشاهدات : 3789

السؤال

نحن مجموعة من السكان نقطن في حي سكني، مكون من عمارات من 5 طوابق في كل طابق شقتين، ليست لدينا وسيلة للذهاب لأداء الصلوات في المسجد غير سياراتنا الخاصة، إحدى العمارات بها طابق أرضي غير مقسم تقسيم الشقق، فهو عبارة عن مستودع كبير غير مستغل، لا من طرف السكان، ولا من طرف أي جهة أخرى، نريد نحن استغلاله كمصلى للحي، مع تحويل المدخل ليكون منفصلا عن مدخل سكان العمارة، قوبلت الفكرة برفض السكان أو بعض سكان العمارة؛ بحجة أن العمارة مخصصة للسكن، وأن اتخاذ المكان كمصلى سيذهب عنهم الراحة والسكينة التي يتمتع بها باقي السكان من العمارات الأخرى، نحن لا نريد أن نخسر جيراننا، ولا أن نؤذيهم أو نزعجهم، فهل إذا اتخدنا المكان كمصلى رغم عدم رضاهم هل نكون آثمين أو علينا شيء ؟

الجواب

الحمد لله.

يجب أداء الصلوات الخمس في الجماعة؛ للأدلة الآمرة بذلك.

وإذا وجد مسجد قريب يسمع نداؤه- من غير استعمال مكبر الصوت- وجب إتيان الجماعة فيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:  مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ  رواه ابن ماجه (793) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

روى مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه ِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ :  هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟  قَالَ : نَعَمْ . قَالَ :   فَأَجِبْ ".

وانظر جواب السؤال رقم : (21969)، ورقم : (20655) .

فإذا كان المسجد بعيدا، شرع لكم بناء مسجد، أو شراء موضع يتخذ مسجدا، أو البحث عن مكان يصلح للصلاة، كالموضع المذكور؛ إذا أذن مالكه في جعله مصلى.

وعلى كل حال، فينبغي على أهل كل حي ، أو مجتمع سكني : أن يبتنوا في مكان تجمعهم مسجدا يقيمون فيه الجماعات، ولا يشق على الناس الحفاظ على الجماعة فيه لبعده عن أماكن سكنهم ، وهذا من شعائر الإسلام الظاهرة التي يعتني بها السكان في أماكن إقامتهم ونزولهم.

فعنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ فِي الدُّورِ وَأَنْ تُنَظَّفَ وَتُطَيَّبَ" رواه أبو داود (455) وغيره، وصححه ابن الحافظ ابن حجر، والألباني.

قال الإمام القاضي أبو بكر ابن العربي رحمه الله:

" أمر النبي صلى الله عليه وسلم قبائل الانصار ببناء المساجد فيهم ، لئلا يشق عليهم الاختلاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فيؤدي ذلك الى إسقاط الجماعة " انتهى، من "عارضة الأحوذي".

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

"في هذا دليل على مسائل:

منها: حرص النبي صلى الله عليه وسلم أن تجتمع أمته في هذه العبادة العظيمة - الصلاة - في مكان واحد؛ ولذلك أمر ببناء المساجد.

ومنها: أن بناء المساجد فرض كفاية؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب؛ والمقصود من بناء المساجد: هو تحصيل المسجد، وهذا يكفي من الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة, فيكون بناؤها فرض كفاية. وقد ورد في فضل بناء المساجد أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم: من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة. لأن الجزاء من جنس العمل.

ومنها: أنه يجب أن يوضع في كل حي مسجد، وهذا يختلف, يعني: من ناحية الحكم يختلف إذا كانت الأحياء صغيرة متقاربة، هل نقول: يلزم أن نبني في كل حي مسجدًا؟ لا, لكن إذا كانت كبيرة أو متباعدة وجب أن نبني في كل مسجدًا؛ لأن المقصود لا يحصل إلا بهذا." انتهى من "شرح بلوغ المرام" (1/595).

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله:

"الدور .. القبائل ، والمحال، يعني : الأحياء ، الحارات : تبنى فيها المساجد ، لتيسر على أهل الحي أداء الجماعة في المسجد. ولو قيل: إنه لا يبنى في الأحياء ولا في القبائل مساجد ، لشق على الناس الصلاة مع الجماعة، وألزموا أن يحضروا إلى المسجد، مسجد البلد، لكن هذا فيه مشقة عظيمة، وجدت مساجد في عهده -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للصلوات الخمس، وأما بالنسبة للجمعة فشأنها أعظم وأشد على ما سيأتي." انتهى من "شرح المحرر" (42/13) ـ الشاملة .

ولا يلزم رضى الجيران، ولا عبرة بقولهم: إن المصلى سيذهب عنهم الراحة والسكينة، بل ينبغي أن يكونوا أول الساعين إلى الانتفاع بهذا المكان لأداء الصلاة التي هي أعظم الفرائض.

فالمدار على رضى مالك هذا المستودع، فإن رضي بذلك، فبادروا إلى اتخاذه مصلى، واجعلوا له مدخلا مستقلا.

وينبغي تطمين الجيران وإعلامهم أنه لن تستعمل مكبرات الصوت الخارجية إلا للأذان، وأن يبين لهم الأثر النافع المترتب على وجود مسجد قريب، من اجتماع الجيران وتآلفهم، وتشجيع الأولاد على الصلاة، وغير ذلك.

ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والرشاد.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب