الحمد لله.
الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، كما قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا النساء/114.
فقد أحسنت في سعيك ونسأل الله أن يحقق مرادك.
وقد رغب الله في الصفح فقال: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ النور/22
وقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ الشورى/40.
ولا حرج في بذلك المال لوالدتك لتسامح أباك، وليس هذا بيعا حقيقة ولا يصح أن يكون بيعا، فإن العفو لا يُشترى، والضرر المعنوي لا يعتاض عنه، إلا إن كان لها حق مادي على والدك، فتدفعه عنه، فلا حرج في ذلك.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " رقم 109 ( 3 / 12 ) بشأن موضوع " الشرط الجزائي " ما نصه : "الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ... ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي" انتهى .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 13 / 40 ) تحت عنوان "التعويض عن الأضرار المعنوية":
"لم نجد أحداً من الفقهاء عبَّر بـهذا ، وإنما هو تعبير حادث ، ولم نجد في الكتب الفقهية أن أحداً من الفقهاء تكلم عن التعويض المالي في شيء من الأضرار المعنوية" انتهى .
لكن هذا المال بر منك وإحسان، وجبر لخاطرها، وتطييب لنفسها، واستمالة لقلبها، فإن الصلة والإحسان مما يؤثر في القلوب، ويلين من شدتها، ويدفع سورة النفوس . وهو يدل على صدق رغبتك ، وحرصك على مسامحتها لوالدك. وهو من برك بأبيك أيضا لتبرئة ذمته، وإقالة عثرته.
نسأل الله أن يعفو عنا وعنكم.
وعلى ذلك، فلا تجعل مالك في صورة المقايضة، أو: سامحيه لأعطيك كذا، أو : أعطيك كذا من أجل أن تسامحيه، بل قدم البر والإحسان والصلة لأمك، ثم استرضها، واغتنم طيب قلبها، وصفاء نفسها، لتشجعها على العفو والمسامحة؛ ثم لا غرر عليك في تقديم برك، وبذل إحسانك لأمك، ولو قدرنا أنها لم تسامحه؛ فهي أمك على كل حال، ولا خسران عليك في صلتها، بل في ذلك ربحك، وصلاحك.
والله أعلم.
تعليق