الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

عمل الحنابلة وغيرهم بالحديث الضعيف

السؤال

يزعم بعض الناس أن المذهب الحنبلي متساهل للغاية في قبوله للحديث، وبالتالي يتبع الكثير من الأحاديث الضعيفة ، فما صحة هذا القول ؟

الجواب

الحمد لله.

مذهب الإمام أحمد في الاستدلال قائم على أصول خمسة:

1-النص من القرآن والسنة الصحيحة.

2-فتاوى الصحابة، فإذا وجد لبعضهم فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها لم يعدها إلى غيرها.

3-إذا اختلف الصحابة تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم، فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال حكى الخلاف فيها ولم يجزم بقول.

4-الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف.

5-القياس.

والمقصود بالحديث الضعيف ما يدخل تحت قسم (الحَسن)، أو خفيف الضعف، لا المنكر، ولا الباطل ولا من في رواته متهم.

والعمل بهذا النوع وبالمرسل: عليه عامة الفقهاء، لم ينفرد أحمد بذلك.

قال ابن القيم رحمه الله: "الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف، إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس.

وليس المراد بالضعيف عنده: الباطل، ولا المنكر، ولا ما في روايته متهم، بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعمل به؛ بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، ولم يكن يقسم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتب، فإذا لم يجد في الباب أثرا يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماع على خلافه؛ كان العمل به عنده أولى من القياس.

وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة، فإنه ما منهم أحد إلا وقد قدم الحديث الضعيف على القياس.

فقدم أبو حنيفة حديث القهقهة في الصلاة على محض القياس، وأجمع أهل الحديث على ضعفه، وقدم حديث الوضوء بنبيذ التمر على القياس، وأكثر أهل الحديث يضعفه، وقدم حديث " أكثر الحيض عشرة أيام " - وهو ضعيف باتفاقهم - على محض القياس؛ فإن الذي تراه في اليوم الثالث عشر، مساو في الحد والحقيقة والصفة، لدم اليوم العاشر. وقدم حديث لا مهر أقل من عشرة دراهم - وأجمعوا على ضعفه، بل بطلانه - على محض القياس، فإن بذل الصداق معاوضة في مقابلة بذل البضع، فما تراضيا عليه جاز، قليلا كان أو كثيرا.

وقدم الشافعي خبر تحريم صيد وجٍّ، مع ضعفه، على القياس، وقدم خبر جواز الصلاة بمكة في وقت النهي، مع ضعفه ومخالفته لقياس غيرها من البلاد، وقدم في أحد قوليه، حديث: من قاء أو رعف فليتوضأ وليبن على صلاته على القياس، مع ضعف الخبر وإرساله.

وأما مالك فإنه يقدم الحديث المرسل، والمنقطع، والبلاغات ، وقول الصحابي ؛ على القياس". انتهى من "إعلام الموقعين" (1/ 25).

وعليه:

 فلا يصح أن يقال: إن المذهب الحنبلي متساهل في هذا الباب، بما يوهم أن غيره من المذاهب لا يعمل بالمرسل أو بالحسن أو بالضعيف خفيف الضعف، بل الجميع يعمل بذلك، ومن له اطلاع على كتب الفقهاء لا يستريب في ذلك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب