الحمد لله.
أولا:
استعمال دم الخفاش (الوطواط) لمنع نبات الشعر، عادة قديمة منتشرة في بعض البلدان.
قال الفيروز أبادي في "القاموس المحيط"، ص 593: "الخفاش، كرُمَّان: الوطواط، سمي لصغر عينيه، وضعف بصره... ودمه إن طلي به على عانات المراهقين، منع الشعر" انتهى.
وقال الدميري في "حياة الحيوان" (1/416): "ومن نتف إبطه وطلاه بدمه مع لبن، أجزاء متساوية، لم ينبت فيه شعر، وإذا طلي به عانات الصبيان قبل البلوغ: منع من نبات الشعر فيها" انتهى.
وهذا لا أصل له، بل قد يتسبب ذلك في ضرر الجلد، ونقل أمراض إلى العين والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي.
وينظر في بيان ضرره هذا الرابط.
ثانيا:
دم الخفاش نجس؛ لأن الدم المسفوح نجس ولو كان من حيوان مذكى.
وقد اختلف في أكل الخفاش، فأجازه الحنفية، وكرهه المالكية، وحرمه الشافعية والحنابلة لأنه مستخبث.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (5/139).
ثالثا:
لا يجوز التداوي بالنجاسة ولا دهن الجسم بها؛ لما روى أبو داود (3874) عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ صححه الألباني.
وروى أحمد (8048)، وأبو داود (3870)، والترمذي (2045)، وابن ماجه (3459) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدَّوَاءِ الْخَبِيثِ" وصححه الألباني.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فِي السَّكَرِ: "إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ" رواه البخاري تعليقا.
قال النووي رحمه الله: " إِنَّمَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِالنَّجَاسَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ طَاهِرًا يَقُومُ مَقَامَهَا، فَإِنْ وَجَدَهُ: حَرُمَتْ النَّجَاسَاتُ، بِلَا خِلَافٍ " انتهى من "المجموع شرح المهذب" (9/ 50).
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/423) : " ولا يجوز التداوي بمحرم، ولا بشيء فيه محرم، مثل ألبان الأَتَن [إناث الحُمُر] ، ولحم شيء من المحرمات، ولا شرب الخمر للتداوي به؛ لما ذكرنا من الخبر؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر له النبيذ يصنع للدواء فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء " انتهى .
وقال في "مغني المحتاج" (1/ 410): " لو أخذ دما أجنبيا ولطخ به بدنه أو ثوبه: فإنه لا يعفى عن شيء منه؛ لتعديه بذلك، فإن التضمُّخ بالنجاسة حرام" انتهى.
وقال الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (1/ 414): " ويحرم التضمُّخ بالنجس خارج الصلاة في البدن، بلا حاجة، وكذا الثوب" انتهى.
ولا يجوز تعريض المولود للضرر؛ لقوله تعالى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ البقرة/195.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة".
والحاصل : أنه لا يجوز استعمال دم الخفاش لمنع نبات الشعر.
والله أعلم.
تعليق