الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

ادعوا أن أباهم مفقود وأخذوا ميراث أعمامهم وعماتهم، وورثهم أولادهم فهل يحرم عليهم الانتفاع بالمال؟

324703

تاريخ النشر : 10-08-2020

المشاهدات : 3045

السؤال

لي أولاد أخ، وأمهم، وهم ثلاث إناث، وذكورا وأمهم، ورثوا عن أخي المتوفي مالاً وعقارات بالمحكمة المدنية وبالقانون الوضعي وبشكل قانوني، لكن من الناحية الشرعية غير صحيح نهائياً؛ لحصولهم على حصر إرث لمفقود، والشخص ليس بمفقود، إنما متوفي قبل والديه، ولكن لا يمكن لوالدي المتوفي أن يحصلوا له على شهادة وفاة حقيقية؛ لأن ابنهم مات في السجن، ودفن في مكان مجهول، وبعد وفاة والدي المتوفي جاء أبناؤه وهم الأعمام والعمات وطالبوا أبناء أخيهم بحقهم الشرعي الواضح وضوح الشمس في تركة أخيهم، إلا إن أولاد الأخ رفضوا مشاركة أعمامهم وعماتهم لهم في هذه التركة، وسعوا هم وأمهم في حرمناهم من حقوقهم الشرعية، وهم يعلمون تماماً ويقيناً أن أعمامهم وعماتهم الورثة من بعد جدهم وجدتهم، وهم أرحامهم، ولا يستطيعون في ظل حكم القانون الوضعي الحالي ـ الغير منصف، والغير عادل والظالم ـ أن يأخذوا حقهم بالقانون، ولذلك كان جوابهم لنا : إذا كان لكم حقاً عندنا فخذوه بالقانون . السؤال: ١- ماحكم الشرع على أولاد أخينا وأمهم ؟ ٢- إذا توفي أولاد أخي وورثهم أبناءهم من بعدهم فهل هناك إثم على أولاد أولاد أخي أيضاً أن يرثوا من هذه التركة، وهم يعلمون يقيناً أن هذه التركة ليست حلالاً صافياً، ولم تكن يوماً من حق والدهم، أو والدتهم كلها، إلا إنهم هم ورثوها منهم بالحلال، ولو كان مصدرها فيه حرام، وأكل أموال بالباطل، فالحرام يقع على والديهم وليس عليهم كما يقولون ؟ أفتونا بالحكم الشرعي .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كان الأمر كما ذكرت من أن أخاك قد توفي قبل والديك، فإن تركته تقسم كما يلي:

للأب السدس، وللأم السدس، ولزوجته الثمن، والباقي لأولاده للذكر مثل حظ الأنثيين.

وإذا مات الوالدان فإن السدسين (الثلث) يكون لأولادهما، أي لأعمام أولاد المتوفى وعماته.

وإذا كان أولاده وزوجته يعلمون هذه الحقيقة، وهي وفاته قبل وفاة والديه، فهم آثمون بدعوى فقده، وبحرمان والديه ومن وراءهما من إرثه، وبأخذ شيء من ميراث الوالدين- لو كانت المحكمة قد ورثت أباهما من والديه.

وحكم القضاء لا يفيدهم شيئا ، حتى ولو كان قضاء شرعيا، ما داموا يعلمون الحقيقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:  إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْ ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ   رواه البخاري (6967)، ومسلم (1713).

ثانيا:

إذا توفي أولاد أخيك، وورثهم أولادهم، وجب عليهم رد الحق إلى أهله، وحرم عليهم الاحتفاظ بما ليس لهم؛ لأنه مال مغصوب فلا يحل لآخذه ولا لمن أخذه منه بهبة أو ميراث أو بيع أو غيره، ما دام يعلم الحال، بل يجب على كل من أمكنه الوصول إلى هذا المال أن يرده إلى أهله.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم: اجتنبه، فمن علمتُ أنه سرق مالاً، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق: لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم " انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/ 323).

وكيف يرثون مالا ليس مملوكا لمورّثهم، وإنما هو ملك لأعمامه وعماته؟

والواجب حينئذ نصح هؤلاء الأولاد وتحذيرهم من أكل المال الحرام، وأن كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، وأنه ليس ثمّ دينار ولا درهم، وإنما هو الحسنات والسيئات، كما قال صلى الله عليه وسلم:  مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ  رواه البخاري (6534).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب