الحمد لله.
أولا:
إذا كتب الزوج الطلاق بنية الطلاق: وقع طلاقه.
وإذا كتبه أو وقّع عليه ولو لم ينو الطلاق: لم يقع؛ لأن الكتابة ليست من صريح الطلاق، فلابد فيها من النية.
وعليه: فهذا الزوج إن كان لم ينو الطلاق عند التوقيع، فالطلاق لم يقع، ولا يحتاج إلى عقد جديد؛ لأن الزوجية قائمة، وأمر نيته إلى الله، فهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن التوقيع إن كان في المحكمة، وقع به الطلاق ولو لم ينوه.
وينظر: جواب سؤال: (هل التوقيع على ورقة الطلاق يعد طلاقاً؟).
بل ذهب بعض أهل العلم إلى أن الكتابة يقع بها الطلاق، ولو لم ينوه، مطلقا، ولو لم يكن التوقيع في المحكمة، كالصورة المذكورة، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو قول الشعبي، والنخعي، والزهري، والحكم. انظر: "المغني" لابن قدامة (7/486).
ولذلك، فالأحوط لهما مطلقا، والأبرأ لذمتهما، متى أرادا الرجوع: أن يكون ذلك بعقد جديد، مستوف لأركانه، ما دامت العدة قد انتهت.
ثانيا:
على فرض أن الزوج نوى الطلاق عند توقيعه على الوثيقة:
فالطلاق إن كان قبل الدخول، فلا عدة على المطلقة، إلا إن كان قد حصل خلوة بينهما.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا الأحزاب/49
فإن كان قد خلا بها فعليها العدة؛ لقضاء الصحابة بذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/ 191): " وجملة ذلك: أن الرجل إذا خلا بامرأته بعد العقد الصحيح: استقر عليه مهرها، ووجبت عليها العدة, وإن لم يطأ. روي ذلك عن الخلفاء الراشدين ....
روى الإمام أحمد، والأثرم، عن زرارة بن أوفى قال: قضى الخلفاء الراشدون المهديون, أن من أغلق بابا, أو أرخى سترا, فقد وجب المهر, ووجبت العدة" انتهى.
ثالثا:
إذا طلق الرجل امرأته بكلمة واحدة، كقوله: أنت طالق ثلاثا، أو بالثلاث، وقع الطلاق ثلاثًا عند الجمهور، سواء طلقها قبل الدخول أو بعده.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه تقع طلقة واحدة، وهو قول عطاء، وطاوس، وسعيد بن جبير، وأبي الشعثاء، وعمرو بن دينار، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وجماعة من العلماء المعاصرين منهم الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
وينظر : المغني (7/282)، فتاوى الشيخ ابن باز (21/430)، الشرح الممتع (13/40) .
وفي نوع هذا الطلاق تفصيل:
1-فإن كان ذلك قبل الدخول والخلوة، فهي طلقة بائنة، فلا تحل له إلا بعقد جديد.
2-وإن كان قبل الدخول وبعد الخلوة، فهي طلقة بائنة عند الجمهور، رجعية عند الحنابلة، وله رجعتها عندهم ما دامت في العدة، فإن انتهت العدة، فلا بد من عقد جديد.
3-وإن كان بعد الدخول فهي طلقة رجعية، فإن انتهت العدة قبل مراجعتها فلابد من عقد جديد.
والحاصل:
أنه ينبغي تذكير الزوج بعظم الأمر، وأنه إن كان نوى الطلاق، فلا تحل له زوجته إلا بعقد جديد؛ لانقضاء عدتها، مع إخباره أنه لا يقع عليه إلا طلقة واحدة على الراجح المفتى به عندنا.
والله أعلم.
تعليق