الحمد لله.
أولا:
صوالين التجميل النسائية لا تخلو غالبا من منكرات ومحاذير، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم:(120891).
ولهذا لا يصح ولا يجوز تأجير المحل لمن يقيم به هذا الصالون إذا غلب على الظن أن المستأجر سيتخذه لعمل محرم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " ولا يصح بيع ما قصده به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا عُلم ذلك، كمذهب أحمد وغيره , أو ظُن، وهو أحد القولين.
يؤيده أن الأصحاب قالوا: لو ظن الآجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية، كبيع الخمر ونحوها: لم يجز له أن يؤجره تلك الدار , ولم تصح الإجارة , والبيع والإجارة سواء " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (5/388).
وقال في "مطالب أولي النهى" (3/ 607): "(ولا ) تصح إجارة ( دار لتُجعل كنيسة )، أو بِيعة أو صومعة , ( أو بيت نار ) لتعبد المجوس , ( أو لبيع خمر وقمار ) ; لأن ذلك إعانة على المعصية، قال تعالى : ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
( ويتجه : أو ) استؤجرت الدار ( لنحو زمر وغناء ) , وكل ما حرمه الشارع , وهو متجه . وسواء ( شرط ذلك ) المحرم ; بأن شرط المستأجر جعلها له ( بعقد , أو ) لا ; بأن ( علم بقرائن ) ; لأنه فعل محرم , فلم تجز الإجارة عليه ; كإجارة عبده للفجور به .
( ولمُكرٍ ) دارا ( : منعُ مكترٍ ذمي من بيع خمر بـ ) دار ( مؤجرة ) ; لأنه معصية " انتهى.
ثانيا:
إذا كان مستأجر الصالون لن يراعي الضوابط الشرعية، وقد علمتم ذلك، فالواجب عليكم التوبة إلى الله تعالى من الإعانة على المعصية.
وإذ لم تعلموا ذلك حين العقد، فلا إثم عليكم.
وفي الحالين إن أمكن فسخ العقد، وجب ذلك، وإلا فيلزمكم عدم تجديده إذا انتهت مدته.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/ 410): " من علم أن مستأجرا جاء ليستأجر بيته لبيع الخمر فيه؛ فلا يجوز له أن يؤجره عليه؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه بقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
وإذا أجره ولم يعلم، ثم علم؛ وجب عليه أن يخرجه منه؛ إذا لم يمتنع عن بيع الخمر" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لدي محلات دكاكين وأريد أن أقوم بتأجيرها على بعض صوالين الحلاقة فهل في ذلك حرج؟
فأجاب: في ذلك حرج إذا أجرت الدكاكين للحلاقين؛ فإنه من المعلوم حسب العادة أن الحلاقين يحلقون كل شيء، يحلقون الرأس ويحلقون اللحية، بل ربما كان حلق اللحى لديهم أكثر من حلق الرؤوس هذا هو العادة والغالب.
وعلى هذا فلا يجوز تأجير الدكاكين للحلاقين إلا إذا اشترط عليهم أن لا يحلقوا فيها اللحى، فحينئذٍ لا بأس، وإذا ثبت أنه حلق لحية في هذه الدكاكين، كان لمؤجر الدكان أن يفسخ الإجارة؛ لأن المستأجر أخل بشرطٍ صحيح لم يوفِ به. هذا هو الجواب عن تأجير الدكاكين للحلاقة بمعنى أنه لا يجوز أن يؤجرها للحلاقين، إلا إذا اشترط عليهم أن لا يحلقوا فيها حلقاً محرماً، كحلق اللحى.
ويدل لذلك: أن تأجيرها إعانةٌ لهم على فعل هذا المحرم، وقد قال الله تعالى: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.
ويدل على تحريم أجرتها: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه)؛ والأجرة ثمن للمنفعة التي حصل عليها المستأجر " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
ثالثا:
الأجرة التي تأخذونها من وراء هذا الصالون فيها تفصيل:
1-فإن كنتم على علم بحال المستأجر، وأنه سيستعمله في المعصية، لم تحل لكم الأجرة؛ لبطلان الإجارة كما تقدم. لكنه لا يردها على المستأجر، لئلا يجمع له بين العوض والمعوض، بل يتصدق بها.
وينظر جواب السؤال رقم:(219679).
2-وإن لم تعلموا ذلك ولم يغلب ظنكم أنه يعمل المحرمات، حلت لكم الأجرة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "رجل عنده استراحة، وقد أجَّرها على أناس يستعملونها فيما حرم الله تعالى، ولم يشترط عليهم في العقد عدم استعمال ذلك، فما الحل؟ وإذا كان قد اشترط عليهم: فهل ينفسخ العقد ويحق له إخراجهم؟ وماذا عن قيمة الإيجار؟.
فأجاب:
"إن كان يعلم، أو يغلب على ظنه أنهم سوف يستعملونها في معصية الله: فالعقد باطل، والأجرة ليست ملكاً له، وهم لا حق لهم بالانتفاع، وله أن يخرجهم فوراً.
وإذا كان لا يغلب على ظنه ذلك، جاءه قوم استأجروها، ولكن صاروا يعصون الله فيها: فهذا يجب إنظارهم إلى مدتهم؛ لأن عقد الإجارة عقد لازم، لكن عليه أن ينصحهم، وينهاهم عن المنكر، والأجرة التي أخذها: حلال له؛ لأنه لم يؤجرهم إياها ليعصوا الله فيها، ولا علم بذلك، ولا غلب على ظنه، لكن إن شرط عليهم ألا يستعملوا ذلك واستعملوه: وجب عليه فسخ الإجارة وجوباً، وله ما سبق الفسخ من الأجرة" انتهى باختصار من " اللقاء الشهري "(39/ 11).
والله أعلم.
تعليق