الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل يصح حديث: (... وَإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا... )؟

326209

تاريخ النشر : 29-03-2020

المشاهدات : 8069

السؤال

هل يصح حديث: (... وَإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا... )؟

ملخص الجواب

الحديث ضعيف الإسناد، غريب المتن.

الجواب

الحمد لله.

روى الحاكم في "المستدرك" (3 / 178) بأسانيده، وغيره؛ عن أَبي نُعَيْمٍ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:  " أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَتَلْتُ بِيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا سَبْعِينَ أَلْفًا، وَإِنِّي قَاتِلٌ بِابْنِ ابْنَتِكَ سَبْعِينَ أَلْفًا وَسَبْعِينَ أَلْفًا " وقال الحاكم: " هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ".

وهذا الحديث نص على ضعفه عدد من أهل العلم، لأحد ثلاثة أسباب:

السبب الأول:

أن هذا الحديث مداره كما سبق بيانه على أبي نعيم وهو: الفضل بن دكين، وهو محدث مشهور ثقة ثبت، وتلاميذه كثيرون، لكن رغم هذه الكثرة ، فلم يرو عنه هذا الحديث إلا من اتصف بالضعف والجهالة، ومن اتصف بالثقة ، فالسند إليه ضعيف.

فرواه عن أبي نعيم:

مُحَمَّدُ بْنُ شَدَّادٍ الْمِسْمَعِيُّ: وقد ضُعِّف.

وحُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: وقد اختلف فيه أهل العلم ، ومنهم من اتهمه بالكذب.

والْحُسَيْنُ بْنُ عَمْرٍو الْعَنْقَزِيُّ: وقد ضُعِّف.

والْقَاسِمُ بْنُ إبراهيم الْكُوفِيُّ: ضعيف، منكر الحديث.

والْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْعَزْرَمِيُّ: مجهول.

وكَثِيرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو أَنَسٍ الْكُوفِيُّ: وهو مجهول.

وأما من رواية الثقات، فورد أنه رواه عن أبي نعيم راويان:

الراوي الأول: مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْآدَمِيُّ: وهو ثقة ، لكن السند إليه ضعيف، حيث يرويه عنه أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ، ابْنُ أَخِي طَاهِرٍ الْعَقِيقِيِّ الْعَلَوِيِّ، عن جَدّه.

والْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ هذا متهم بالكذب والرّفض، وجده يَحْيَى بن الْحَسَن بن جَعْفَر الْعَلَوِيّ: مجهول الحال.

الراوي الثاني: الْقَاسِمُ بْنُ دِينَارٍ: وهو موثق، لكن الراوي عنه هو الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وهو متهم بالكذب.

فالحاصل؛ أنه من الغريب أن ينفرد ضعفاء أصحاب أبي نعيم الفضل بن دكين برواية هذا الحديث عنه؛ والثقات منهم السند إليهم لا يصح.

فهذا يشير إلى أن أسانيد هذا الحديث مصنوعة مكذوبة.

وقد أشار إلى هذه العلّة الشيخ عبد الرحمن المعلمي، حيث قال رحمه الله تعالى:

" الثمانية كلهم ما بين كذاب ومتروك ومجهول، أو في السند إليه من هو كذلك، وأبو نعيم بغاية الشهرة ؛ فكيف يكون هذا الخبر عنه ولا يوجد له سند واحد صحيح؟ " انتهى من "الفوائد المجموعة" (ص 388).

السبب الثاني:

أنه ورد في سند هذا الحديث أنه يرويه أَبو نُعَيْمٍ، عن عَبْد اللَّهِ بْنُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

فالراوي عن سعيد بن جبير، هو: حَبِيب بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، وهو رغم ثقته كثير التدليس.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" حبيب بن أبي ثابت أبو يحيى الكوفي، ثقة فقيه جليل، وكان كثير الإرسال والتدليس " انتهى من "تقريب التهذيب" (ص 150).

والراوي المدلس إنما يقبل حديثه إذا صرح بالسماع من شيخه، كأن يقول: حدثنا أو أخبرنا أو سمعته يقول، ونحو هذا.

وأما إذا روى عن شيخه بصيغة "عن" : فيحتمل أنه لم يسمعه منه مباشرة، بل سمعه بواسطة راو آخر غير معلوم لنا، وهذا سبب لضعف الحديث.

وهو الحاصل في هذا الحديث، حيث جاء فيه " عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ".

وأشار إلى هذا السبب الضعف : الشيخ سعد الحميد في تعليقه على "مختصر استدراك الذّهبي على مستدرك الحَاكم"، حيث قال:

" والحديث في سنده حبيب بن أبي ثابت وتقدم أنه ثقة، روى له الجماعة، لكنه كثير الِإرسال والتدليس، وقد عدّه ابن حجر في الطبقة الثالثة، وهم : مَن أكثر من التدليس ، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقد عنعن هنا.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لعنعنة حبيب بن أبي ثابت، وتدليسه " انتهى من "مختصر استدراك الذّهبي" (4 / 1695).

السبب الثالث:

هو أن متن الحديث احتوى على عقوبة ومبالغات فيها لم يعهد مثلها في شرع النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد استغرب متن هذا الحديث الحاكم نفسه حيث قال قبل سياقه له:

" غريب الإسناد والمتن " انتهى من "المستدرك" (2 / 290).

وقال الذهبي رحمه الله تعالى:

" المتن منكر جدا " انتهى من "المستدرك" (2 / 290 - 291).

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" هذا حديث غريب جدا " انتهى من "البداية والنهاية" (11 / 575).

فالحاصل؛ أن الحديث ضعيف الإسناد، غريب المتن.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب