الحمد لله.
قصة مرور النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة على ديار ابن حجر الأسلمي ذكرها الهيثمي في مجمعه: (6/ 55)، وابن عبد البر في "الاستيعاب"(1/ 122)، والحافظ في "الإصابة" (1/ 86)، وقال: رواه البغوي وابن مندة.
جاء في "سيرة ابن هشام" (1/ 491) ت: السقا، في ذكر "طريقه صلى الله عليه وسلم في هجرته":
"قال ابن هشام: ثم هبط بهما العَرْج، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهم، فحمل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ من أسلم، يقال له: أوس بن حجر، على جمل له- يقال له: ابن الرداء- إلى المدينة، وبعث معه غلاما له، يقال له: مسعود بن هنيدة، ثم خرج بهما دليلهما من العرج، فسلك بهما ثنية العائر، عن يمين ركوبة- ويقال. ثنية الغائر، فيما قال ابن هشام- حتى هبط بهما بطن رئم، ثم قدم بهما قباء، على بني عمرو بن عوف، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين، حين اشتد الضحاء، وكادت الشمس تعتدل."
وفي "الروض الأنف" (4/ 251) ت: الوكيل، "وذكر قدومهم على أوس بن حجر، وهو أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي، وبعضهم يقول فيه: ابن حجر، وهو قول الدارقطني، والمعروف، ابن حجر بضم الحاء، وقد تقدم في المبعث ذكر من اسمه حجر في أنساب قريش، ومن يسمى: حجرا من غيرهم بسكون الجيم، ومن يسمى الحجر بكسر الحاء، فانظره هنالك عند ذكر خديجة وأمها، ولا يختلف في أوس بن ابن حجر أنه بفتحتين.
وذكر أن أوسًا حمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على حمل له، يقال له: ابن الرداء، وفي رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق يقال له: الرداح، وفي الخطابي أنه قال لغلامه مسعود، وهو مسعود بن هنيدة: اسلك بهم المخارق بالقاف، قال: والصحيح المخارم، يعني: مخارم الطريق، وفي النسوي أن مسعودا هذا قال: فكنت آخذ بهم أخفاء الطريق.
وفقه هذا أنهم كانوا خائفين، فلذلك كان يأخذ بهم أخفاء الطريق ومخارقه، وذكر النسوي في حديث مسعود هذا: أن أبا بكر قال له: ائت أبا تميم، فقل له يحملني على بعير، ويبعث إلينا بزاد ودليل يدلنا، ففي هذا أن أوسا كان يكنى أبا تميم، وأن مسعودا هذا قد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحفظ عنه حديثا في الخمس، وحديثا في صلاة الإمام بالواحد والاثنين ذكره النسوي في هذا الحديث، غير أنه قال في مسعود هذا: غلام فروة الأسلمي.
وقال أبو عمر: قد قيل في أوس هذا إن اسمه تميم، ويكنى أبا أوس. فالله أعلم.
وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لمسعود حين انصرف إلى سيده مر سيدك أن يسم الإبل في أعناقها قيد الفرس، فلم تزل تلك سمتهم في إبلهم، وقد ذكرنا في شرح قصيدة أبي طالب عند قوله: موسمة الأعضاد أسماء السمات كالعراض والخباط والهلال، وذكرنا قيد الفرس، وأنه سمة في أعناقها، وقول الراجز:
كوم على أعناقها قيد الفرس... تنجو إذا الليل تدانى والتبس." انتهى.
قال المحقق: "قصة أوس لم يروها أحد من أصحاب الكتب السنة، فالذين رووها هم: البغوي وابن السكن وابن منده أو الطبراني. وقصة مسعود بن هنيدة عند الحاكم في الإكليل.
واسم أوس يتردد في الإصابة تميم بن أوس بن حجر أبى أوس الأسلمي، وبين أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي ويكنى: أبا تميم، وربما ينسب إلى جده فقيل: أوس بن حجر، وفيه عمن روى عنهم أنه لقى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وهما متوجهان إلى المدينة بقحدوات بين الجحفة وهرشي، وهما على جمل، فحملهما على فحل له من إبله، وأوس من أهل العرج، وقال ابن حبان والطبراني: له صحبة، ولم يخرج حديثه."
وقال في معنى "قيد الفرس": "صورة هذه السمة: حلقتان بينهما مدة مفردات ابن الأثير واللسان وذكر الجوهري أنها سمة تكون في عنق البعير على صورة القيد." انتهى، (4/ 252).
والحاصل:
أن هذا الرجل صنع معروفًا مما يصنعه أهل الجاهلية، كإكرام أم معبد للنبي صلى الله عليه وسلم، وحماية المطعم بن عدي له، وهذا المعروف يتمثل في كونه "حمل" أي: أركب الرسول صلى الله عليه وسلم على إبل له.
وأما معنى: "قيد الفرس"، فهي "سمة" أي: علامة، للإبل، وكان أهل الإبل "يسِمُون" إبلهم لتتميز عن إبل غيرهم.
قال أبو عبيد في "الغريبين" (5/ 1600): "هي سمة معروفة وهما حلقتان ومدة"، وانظر: "تاج العروس" (9/ 84).
والله أعلم.
تعليق