الحمد لله.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ) رواه البخاري (689)، ومسلم (411).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" فيه وجوب متابعة المأموم لإمامه في التكبير والقيام والقعود والركوع والسجود، وأنه يفعلها بعد الإمام" انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4/132).
قال ابن حزم رحمه الله تعالى:
" واتفقوا أن من فعل ما يفعله الإمام من ركوع وسجود وقيام، بعد أن فعله الإمام، لا معه ولا قبله: فقد أصاب " انتهى من "مراتب الإجماع" (ص 26).
والمشروع للمأموم أن يتأخر عن الإمام قليلًا ، فلا يبدأ في الانتقال والحركة إلا بعد وصول الإمام إلى الركن .
عن الْبَرَاء رضي الله عنه: ( أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ أَرَ أَحَدًا يَحْنِي ظَهْرَهُ، حَتَّى يَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبْهَتَهُ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَخِرُّ مَنْ وَرَاءَهُ سُجَّدًا ) رواه البخاري (690)، ومسلم (474).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" وفي هذا الحديث هذا الأدب من آداب الصلاة وهو: أن السُّنّة أن لا ينحني المأموم للسجود حتى يضع الإمام جبهته على الأرض، إلا أن يعلم من حاله أنه لو أخر إلى هذا الحد لرفع الإمام من السجود قبل سجوده.
قال أصحابنا رحمهم الله تعالى: في هذا الحديث وغيره ما يقتضي مجموعُه: أن السنة للمأموم التأخر عن الإمام قليلا، بحيث يشرع في الركن بعد شروعه، وقبل فراغه منه. والله أعلم " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (4/191).
فإن تأخر المأموم أكثر من هذا الحد، لكنه يدرك الإمام قبل أن يفرغ وينتقل إلى ركن آخر، كما ذكرت في سؤالك: أنك تتأخر عن الركوع لقراءة الفاتحة، لكن تدرك الإمام وهو راكع قبل أن يرفع، وكذلك تتخلف في التشهد، لكن تدرك الإمام وهو قائم يقرأ = فهذا العمل خلاف السنة، كما سبق بيانه ، لكن لا يبطل الصلاة؛ لأنك أدركت الإمام في الركن قبل أن يفرغ منه، فهو تخلف يسير لا يبطل المتابعة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" فالتخلف في الركن معناه: أن تتأخر عن المتابعة، لكن تدرك الإمام في الركن الذي انتقل إليه، مثل: أن يركع الإمام وقد بقي عليك آية أو آيتان من السورة، وبقيتَ قائما، تكمل ما بقي عليك، لكنك ركعت وأدركت الإمام في الركوع، فالركعة هنا صحيحة، لكن الفعل مخالف للسنة؛ لأن المشروع أن تشرع في الركوع من حين أن يصل إمامك إلى الركوع، ولا تتخلف؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا ركع فاركعوا ) " انتهى من "الشرح الممتع" (4 / 187).
وعلى المصلي أن يبذل جهده وانتباهه، بحيث لا يتأخر في قراءة الفاتحة والتشهد عن إمامه؛ فإن كان من عادة إمامه أن يسرع؛ فإنه كذلك يأتي بقراءته حدرا؛ ليتمكن من الجمع بين الأمرين؛ يقرأ لنفسه، ويتابع إمامه، ولا يتخلف عنه.
والله أعلم.
تعليق