الحمد لله.
أولا:
لا يشترط أن تكون خطبة الجمعة باللغة العربية
الصحيح أنه لا يشترط أن تكون الخطبة باللغة العربية، وإذا كان أكثر الحاضرين لا يفهم العربية، فالأولى أن تكون الخطبة بلغتهم، ولو أن الخطيب أتى بالمقدمة والآيات القرآنية بالعربية، ثم خطب بلغة القوم لكان حسنا.
جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي:
"الرأي الأعدل: هو أن اللغة العربية في أداء خطبة الجمعة والعيدين في غير البلاد الناطقة بها ليست شرطاً لصحتها ، ولكن الأحسن أداء مقدمات الخطبة وما تضمنته من آيات قرآنية باللغة العربية ، لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن ، مما يسهل تعلمها ، وقراءة القرآن باللغة التي نزل بها ، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم به بلغتهم التي يفهمونها " انتهى من "قرارات المجمع الفقهي" (ص/99) (الدورة الخامسة، القرار الخامس).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
"لم يثبت في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يُشترط في خطبة الجمعة أن تكون باللغة العربية ، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يخطب باللغة العربية في الجمعة وغيرها ؛ لأنها لغته ولغة قومه ، فَوَعَظَ مَنْ يخطب فيهم وأرشدهم وذكَّرهم بلغتهم التي يفهمونها ، لكنه أرسل إلى الملوك وعظماء الأمم كتبا باللغة العربية ، وهو يعلم أن لغتهم غير اللغة العربية ، ويعلم أنهم سيترجمونها إلى لغتهم ليعرفوا ما فيها .
وعلى هذا يجوز لخطيب الجمعة في البلاد التي لا يعرف أهلها أو السواد الأعظم من سكانها اللغة العربية أن يخطب باللغة العربية ، ثم يترجمها إلى لغة بلاده ؛ ليفهموا ما نصحهم وذكَّرهم به ، فيستفيدوا من خطبته .
وله أن يخطب خطبة الجمعة بلغة بلاده مع أنها غير عربية ، وبذلك يتم الإرشاد والتعليم والوعظ والتذكير ويتحقق المقصود من الخطبة .
غير أن أداء الخطبة باللغة العربية ثم ترجمتها إلى المستمعين أَوْلى ، جمعا بين الاهتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في خُطَبِه وكتبه ، وبين تحقيق المقصود من الخطبة خروجا من الخلاف في ذلك " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (8/253) .
ثانيا:
ترجمة خطبة الجمعة بين الخطبتين
الطريقة المسئول عنها وهي قيام المترجم بالترجمة بين الخطبتين، تجعل خطبة الجمعة ثلاث خطب، وفي ذلك تغيير لهيئة الجمعة، فهو إحداث وابتداع لا يجوز.
وقد منع بعض أهل العلم من الترجمة بعد الخطبتين فكيف بإدخال الترجمة بينهما؟.
فقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله عن ترجمة خطبة الجمعة إلى بعض اللغات الأجنبية ، وذلك بعد صلاة الجمعة في المسجد الحرام ، حتى يستفيد منها من لا يعرف اللغة العربية . فأجاب :
" لا نرى الموافقة على ما ذكر ، ولا يسوغ أن يخطب يوم الجمعة قبل الصلاة وبعدها .
وإذا كان المقصود إبلاغ الخطبة لمن لا يفهم اللغة العربية فيمكن أن تترجم الخطبة وغيرها من ضمن برامج الإذاعة في غير وقت صلاة الجمعة " انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (3/20) .
فأولى بالمنع ما ذكرتم، لأنه تحويل خطبتي الجمعة إلى ثلاث.
ولا مانع من الترجمة بعد الصلاة كما تقدم في فتوى اللجنة الدائمة، على سبيل الدرس والموعظة لا على هيئة الخطبة ولزوم الإنصات لها.
فإما أن يخطب الخطيب بلغة الناس، -وهذا الأولى-، أو يخطب بالعربية، ثم يترجم هو الخطبة بنفسه بعد إلقائها بالعربية، إما أن يترجم الخطبة الأولى بعدها، ثم الثانية بعدها، أو يخطب الأولى بالعربية، وتكون الثانية بلغته، إن كان يحسن ذلك.
فإن لم يحسن الخطيب إلا العربية، ولم يكن في القوم من يخطب فيهم بلغتهم : خطب بالعربية، ثم تكون الترجمة بعد الصلاة وينصرف منهم من شاء، ويستمع إليها من أراد.
والله أعلم.
تعليق