الحمد لله.
أولا:
ريحانة بنت زيد رضي الله عنها، لم نقف على أخبار صحيحة في شأنها، وإنما المشهور عند أهل السير أنها كانت من حلائل النبي صلى الله عليه وسلم، وهل كان ذلك بزواج أو ملك يمين؟ في هذا خلاف بين أهل السير، والمشهور أنها كانت من ملك اليمين.
قال الدكتور أكرم ضياء العمري:
" وقد اصطفى الرسول صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت -زيد- بن عمرو بن خناقة من بين السبي -أي سبي بني قريظة - لنفسه ، وهو قول ابن إسحق وابن سعد وغيرهم كثير.
وقال الواقدي ومن تابعه : إنه تزوجها.
والأول أرجح " انتهى من "السيرة النبوية الصحيحة" (1 / 316).
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" قيل: ومن أزواجه ريحانة بنت زيد النضرية .، وقيل: القرظية، سبيت يوم بني قريظة، فكانت صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقها وتزوجها، ثم طلقها تطليقة، ثم راجعها.
وقالت طائفة: بل كانت أمته وكان يطؤها بملك اليمين حتى توفي عنها، فهي معدودة في السراري لا في الزوجات.
والقول الأول اختيار الواقدي ووافقه عليه شرف الدين الدمياطي. وقال: هو الأثبت عند أهل العلم.
وفيما قاله نظر، فإن المعروف أنها من سراريه، وإمائه، والله أعلم " انتهى من "زاد المعاد" (1 / 110).
وشهرة هذا عند أهل السيرة يتقوى برواية لحديث أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ، مِنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ " رواه البخاري (268).
وإنما اجتمع عنده صلى الله عليه وسلم من زوجاته في وقت واحد تسع زوجات لا أكثر.
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعُ نِسْوَةٍ، فَكَانَ إِذَا قَسَمَ بَيْنَهُنَّ، لَا يَنْتَهِي إِلَى الْمَرْأَةِ الْأُولَى إِلَّا فِي تِسْعٍ ..." رواه مسلم (1462).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" أما قوله: ( تسع نسوة ) : فهن اللاتي توفي عنهن صلى الله عليه وسلم وهن؛ عائشة، وحفصة، وسودة، وزينب، وأم سلمة، وأم حبيبة، وميمونة، وجويرية، وصفية رضي الله عنهن " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (10 / 47).
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" قلت: وفي "صحيح البخاري" عن أنس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه ، وهن إحدى عشرة امرأة )...
ولكن المراد بالإحدى عشرة اللاتي كان يطوف عليهن التسع المذكورات والجاريتان مارية وريحانة " انتهى من "البداية والنهاية" (8 / 203).
وحتى يكتمل العدد ( إِحْدَى عَشْرَةَ ) يضاف إليهن أمته مارية القبطية، وريحانة. رضي الله عنهن أجمعين.
ثانيا:
وأما الخبر عن عمرة بنت يزيد، والشنباء بنت عمرو الغفارية، فقد ذكر خبرهما الطبري في "التاريخ" (3 / 166)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (3 / 163 - 164) ، لكن لم نقف لهما على إسناد صحيح.
وهن من جملة النساء اللاتي روي أنه طلقهن ، أو خطبهن ولم يدخل بهن، وفي ذلك روايات عدة ، كثير منها غير صحيح.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وأما اللواتي اختلف فيهن ، ممن ابتنى بها وفارقها ، أو عقد عليها، ولم يدخل بها، أو خطبها ولم يتم له العقد منها: فقد اختلف فيهن، وفي أسباب فراقهن اختلافا كثيرا ، يوجب التوقف عن القطع بالصحة في واحدة منهن " انتهى من "الإستيعاب" (1 / 46).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر جملة منهن:
" هذا ونحوه إنما أوردته للتعجب ، لا للتقرير " انتهى من "سير أعلام النبلاء" (سيرة2 / 495).
والله أعلم.
تعليق