الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

الزوجة الثانية تعمل مع الزوج وتراه أكثر من الأولى، فهل هذا ينافي العدل؟

330758

تاريخ النشر : 19-09-2021

المشاهدات : 14100

السؤال

قرر زوجي أن يتزوج بأخرى، وصارحني بذلك، وأنا قررت أن أكمل معه؛ لأنه إنسان محترم، ووعدني بالعدل، نحن متزوجان منذ فترة طويلة، ولدينا عدد من الأطفال، وأنا لا أعمل، والمرأة التي سوف يتزوجها تعمل معه في شركته، وسيستمر عملها معه بعد الزواج، ولظروف عمل زوجي كثيرا ما يأتي البيت متأخرا، وينام مباشرة، والمرأة التي سيتزوجها تحتاج للعمل، ونظرا لأن زوجي ظروفه المادية لا تسمح له بالإنفاق على بيتين، فوافقت أن تتحمل هي مصروفاتها الشخصية على أن تستمر بالعمل معه بشركته . سؤالي : هل من العدل بين الزوجات أن تبقى هي معه في العمل من العاشرة صباحا إلى السابعة مساءا وأحيانا أكثر من ذلك، بالإضافة إلى أيام القسمة بيننا، ووارد جدا بسبب ظروف عمل زوجي أن يرجع لبيتي متأخرا فينام مباشرة، ولا يراني أو يرى أولاده، أنا أشعر بأن هذا ضرر ولا عدل فيه، فهل يدخل الوقت الذي تقضيه الزوجة الثانية مع زوجي في العمل ضمن العدل في الوقت أم لا ؟

الحمد لله.

أولا:

العدل في القسم بين الزوجات

يلزم الزوج أن يعدل بين زوجتيه أو زوجاته، في القَسم باتفاق العلماء، وفي كل ما يمكن فيه العدل على الراجح.

والمراد بالقسم: المبيت، فيجعل لهذه ليلة ولهذه ليلة، أو حسبما يتراضون، كأن يكون القسم أسبوعا أسبوعا أو شهرا شهرا.

والأصل: أن القسم في الليل، والنهار تابع له، وقد يكون العكس لظروف عمل الرجل ونحو ذلك.

قال في "كشاف القناع" (5/ 198): " ويكون (ليلة) و (ليلة) ؛ لأنه إن قسم ليلتين وليلتين أو أكثر من ذلك: كان في ذلك تأخير لحق من لها الليلة الثانية للتي قبلها (إلا أن يرضين بالزيادة) على ليلة وليلة؛ لأن الحق لا يعدوهن .

(وعماد القسم الليل)، لأنه يأوي فيه الإنسان إلى منزله ويسكن إلى أهله، وينام على فراشه مع زوجته عادة، والنهار للمعاش. قال الله تعالى : وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا [النبأ: 10، 11] .

(ويخرج في نهاره في معاشه، وقضاء حقوق الناس، وما جرت العادة به، ولصلاة العشاء والفجر ولو قبل طلوعه، كصلاة النهار) .

قلت: لكن لا يعتاد الخروج قبل الأوقات إذا كان عند واحدة دون الأخرى، لأنه غير عدل بينهما.

أما لو اتفق ذلك بعض الأحيان، أو لعارض: فلا بأس...

(ويدخل النهار تبعا لليلة الماضية)؛ لأن النهار تابع لليل، ولهذا يكون أول الشهر، وقالت عائشة: ( قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، وفي يومي ) ؛ وإنما قبض - صلى الله عليه وسلم – نهارا .

(وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه : جاز) له ذلك ؛ (لأن ذلك لا يتفاوت) والغرض التعديل بينهن، وهو حاصل بذلك .

(إلا لمن معيشته بالليل، كالحارس ؛ فإنه يقسم بالنهار، لأنه محل سكنه، ويكون الليل تبعا للنهار) في حقه" انتهى.

وليس للزوج أن يدخل إلى غير صاحبة النوبة ليلا، إلا لضرورة، ولا نهارا إلا لحاجة.

قال ابن قدامة رحمه الله: " وأما الدخول على ضرتها في زمنها:

فإن كان ليلا : لم يجز إلا لضرورة، مثل أن تكون منزولاً بها، (أي حضرها الموت) ؛ فيريد أن يحضرها، أو توصي إليه، أو ما لا بد منه .

فإن فعل ذلك، ولم يلبث أن خرج : لم يقض.

وإن أقام، وبَرَأت المرأة المريضة : قضى للأخرى من ليلتها، بقدر ما أقام عندها.

وإن خرج لحاجة غير ضرورية: أثم. والحكم في القضاء، كما لو دخل لضرورة، لأنه لا فائدة في قضاء اليسير.

وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها، فيجوز للحاجة، من دفع النفقة، أو عيادة، أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته، أو زيارتها لبعد عهده بها، ونحو ذلك ; لما روت عائشة، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علي في يوم غيري، فينال مني كل شيء إلا الجماع) .

وإذا دخل إليها لم يجامعها، ولم يطل عندها؛ لأن السكن يحصل بذلك، وهي لا تستحقه.

فإن أطال المقام عندها، قضاه.

وإن جامعها في الزمن اليسير، ففيه وجهان على ما ذكرنا.

ومذهب الشافعي على نحو ما ذكرنا، إلا أنهم قالوا: لا يقضي إذا جامع في النهار.

ولنا: أنه زمن يقضيه إذا أطال المقام، فيقضيه إذا جامع فيه، كالليل" انتهى من "المغني" (7/ 234) باختصار.

​ثانيا:

بناء على ما سبق ذكره :

فإذا كان زوجك لا يذهب إلى الأخرى في ليلتك، ولا في نهارك، وإنما يلقاها في العمل، فلا حرج عليه، ما دام قد جلس للعمل، ولم يتجاوز ساعاته في العمل، ليجلس معها.

وكونه قد يتأخر في عمله، ويأتي مرهقا فينام: فهذا لا يؤاخذ عليه، وهذا يحصل سواء كان له زوجة واحدة أو زوجتان.

فلا يدخلن لك الشيطان من جهة أن الزوجة الأخرى تراه أكثر، فما دام لم يخل بالعدل- بحسب ما ذكرنا- فلا شيء عليه.

ولا ينظر الإنسان إلى ما في يد غيره، ولا يحسده عليه، مع أن كثرة اللقاء قد تكون خيرا، وقد تكون شرا.

نسأل الله أن يصلح بالكم، ويقيكم نزغات الشيطان.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب