الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم التنازل عن الدور في الجمعية بمقابل أو إعطاء هدية للمسئول عن الجمعية لإعطائه الدور الأول

331106

تاريخ النشر : 28-10-2020

المشاهدات : 3776

السؤال

ما حكم من وعدت صديقتها أن تعطيها مبلغًا من المال كهدية إن قامت بإعطائها الدور الأول في جمعية تنظمها، والجمعية : مبلغ مالي يقوم عدد من الأصحاب بجمعه كل شهر بالتساوي ويدفعوه إلى أحدهم ؟

الحمد لله.

أولا: حكم جمعية الموظفين

لا حرج فيما يسمى بجمعية الموظفين، وينظر: جواب السؤال رقم : (130147) .


ثانيا: القائم على تنظيم الجمعية مؤتمن على ترتيب المستحقين

ترتيب المستحقين في هذه الجمعية إما أن يتم بالتراضي، وإما بالقرعة، فالقرعة مشروعة في ترتيب الاستحقاق عند التزاحم.

قال العلامة السعدي رحمه الله:

تستعمل القرعة عند المبهمِ **** من الحقوق أو لدى التزاحمِ

وقد يتسامح المشتركون في الجمعية ويرضون بتقديم أحد المشتركين ، مراعاةً منهم لظروفه وحاجته الشديدة إلى المال .

والمشتركون في الجميعة قد ائتمنوا المنظم لها على ترتيبها ، فلا يجوز له أن يخونهم ، فيحابي أحدا ، أو يكذب عليهم ، أو يقدم أحدا بدون رضاهم .

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :  المَكْرُ وَالخَديِعَةُ فِي النَّارِ  رواه البيهقي في الشعب وصححه الألباني في "صحيح الجامع".

ولا يجوز أخذ هدية على هذا التقديم من باب أولى، والهدية حينئذ رشوة، تؤدي إلى ظلم المستحق وتقديم غيره عليه.

والرشوة من كبائر الذنوب؛ لما روى أحمد (6791)، وأبو داود (3580) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي" والحديث صححه الألباني في "إرواء الغليل" (2621).

وعند أحمد:  وَالرَّائِشَ .

والرائش: هو الوسيط بينهما.

قال ابن الأثير رحمه الله: " الرِّشْوة والرُّشْوة: الوُصلة إلى الحاجة بالمُصانعة. وأصله من الرِشاء الذي يُتَوصَّل به إلى الماء. فالراشي مَن يُعطِي الذي يُعِينه على الباطل. والمُرْتَشِي الآخِذُ. والرائِش الذي يسْعى بينهما يَسْتزيد لهذا ويَسْتنقِص لهذا.

فأمَّا ما يُعْطَى تَوصُّلا إلى أخْذِ حق، أو دَفْع ظُلْم: فغير داخل فيه. رُوِي أنّ ابن مسعود أُخِذ بأرض الحَبشة في شيء، فأعْطَى دينارين حتى خُلّى سبيله. ورُوِي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يُصانِع الرجل عن نفسه ومالِه إذا خاف الظلم " انتهى من "النهاية" (2/ 546).

وإذا كانت القائمة على التنظيم مشاركة في الجمعية، فإن الهدية لها تمنع من وجه آخر، وهو كونها هدية للمقرض؛ فالجمعية قائمة على الإقراض والاقتراض، والهدية للمقرض أثناء قيام القرض محرمة؛ لما روى ابن ماجه (2432) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَقَ قَالَ: " سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الرَّجُلُ مِنَّا يُقْرِضُ أَخَاهُ الْمَالَ فَيُهْدِي لَهُ. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا أَقْرَضَ أَحَدُكُمْ قَرْضًا، فَأَهْدَى لَهُ أَوْ حَمَلَهُ عَلَى الدَّابَّةِ فَلا يَرْكَبْهَا وَلا يَقْبَلْهُ، إِلا أَنْ يَكُونَ جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ قَبْلَ ذَلِكَ  حسنه شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (6/ 159).

ورَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ (3814) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قال: " أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لِي: إِنَّكَ بِأَرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَأَهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ أَوْ حِمْلَ شَعِيرٍ أَوْ حِمْلَ قَتٍّ فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِبًا.

و (القَتّ) نبات تأكله البهائم.

وجاء في "المعايير الشرعية"، ص 325: " لا يجوز للمقترض تقديم عين أو بذل منفعة للمقرض، في أثناء مدة القرض، إذا كان ذلك من أجل القرض؛ بأن لم تكن العادة جارية بينهما بذلك قبل القرض" انتهى.

فالواجب أن يتم ترتيب المشاركين في الجمعية بالتراضي أو بالقرعة، ولا تجوز للقائم على تنظيمها أن يحابي في ذلك، لا مجانا ولا بمقابل.


ثالثا: تنازل صاحب الترتيب في الجمعية عن دوره بمقابل

إذا كان المراد تنازل صاحب الترتيب المتقدم في الاستحقاق، لغيره، بمقابل، كأن يتنازل الأول، لمن بعده أو للأخير، بمقابل، فهذا لا يجوز من وجهين:

الأول: أنه معاوضة عن حق مجرد، وهو الأسبقية، والحقوق المجردة لا يعتاض عنها.

قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (5/ 203): " ولو أعطاها مالا على أن تحلله من يومها وليلتها فقبلته، فالعطية مردودة عليه، غير جائزة لها، وكان عليه أن يعدل لها، فيوفيها ما ترك من القسم لها؛ لأن ما أعطاها عليه لا عين مملوكة، ولا منفعة" انتهى.

وقال ابن نجيم الحنفي، رحمه الله في الأشباه والنظائر، ص 178: "الحقوق المجردة لا يجوز الاعتياض عنها، كحق الشفعة؛ فلو صالح عنه بمال: بطلت، ورجع به، ولو صالح المخيّرة بمال لتختاره: بطل، ولا شيء لها، ولو صالح إحدى زوجتيه بمال لتترك نوبتها: لم يلزم، ولا شيء لها، هكذا ذكروه في الشفعة" انتهى.

الثاني: أنها عوض يدفع لمقرض، أثناء قيام القرض، فيحرم، كما تقدم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب