الحمد لله.
عند التدقيق في مذاهب أهل العلم ، يتضح أن نسبة القول بجواز الجمع بين صلاتي الجمعة والعصر نسبة فيها نظر .
أما الحنفية فإنه لا يشرع عندهم الجمع إلا في الحج؛ يوم عرفة بين الظهر والعصر، وفي المزدلفة بين المغرب والعشاء.
قال مجد الدين أبو الفضل الموصلي الحنفي رحمه الله تعالى:
" قال: (ولا يجمع بين صلاتين في وقت واحد في حضر ولا سفر) ، لقوله تعالى:( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ) أي مؤقتا، وفي الجمع تغيير الوقت ...
قال: ( إلا بعرفة ) بين الظهر والعصر.
( والمزدلفة ) بين المغرب والعشاء " انتهى من"الاختيار لتعليل المختار" (1 / 41 – 42).
وأما المالكية: فلم نقف لهم ، بعد طول البحث ، على نص في خصوص جمع الجمعة مع العصر.
وأما الشافعية فيرون جواز الجمع بين الجمعة والعصر، جمع تقديم، على المعتمد في المذهب.
" (يجوز الجمع في سفر القصر) للأخبار الآتية (لا) في السفر (القصير) فلا يجوز (ولو للمكي) ؛ لأن الجمع للسفر لا للنسك، والجمع يكون (بين الظهر، والعصر و) بين (المغرب، والعشاء في وقت إحداهما وتكون) المجموعة في وقت الأخرى (أداء) كالأخرى؛ لأن وقتيهما صارا واحدا وخرج بما ذكر الصبح مع غيرها، والعصر مع المغرب فلا جمع فيهما؛ لأنه لم يرد ويجوز جمع الجمعة، والعصر تقديما كما نقله الزركشي واعتمده كجمعهما بالمطر بل أولى ويمتنع تأخيرا؛ لأن الجمعة لا يتأتى تأخيرها عن وقتها
"أسنى المطالب" (1/242) وصححه الرملي الكبير في حاشيته.
" (قَوْلُهُ: وَالْجُمُعَةُ كَالظُّهْرِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ) أَيْ: كَأَنْ دَخَلَ الْمُسَافِرُ قَرْيَةً بِطَرِيقِهِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ الظُّهْرُ لَكِنْ لَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَيَجُوزُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَجْمَعَ الْعَصْرَ مَعَهَا تَقْدِيمًا. اهـ إطْفِيحِيٌّ وَقَوْلُهُ: فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ أَيْ: وَيَمْتَنِعُ جَمْعُهَا تَأْخِيرًا لِأَنَّهَا لَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتهَا كَمَا فِي م ر". انتهى من "بجيرمي على شرح المنهج" (1/365).
وينظر: "البيان في مذهب الإمام الشافعي"، للرافعي (2 / 494) ، و"شرح الوجيز"، للرافعي (4 / 481)، و"شرح المهذب"، للنووي (4/262) .
وأما الحنابلة فقد سبق بيان عدم صحة الجمع عندهم بين الجمعة والعصر في جواب السؤال رقم :(26198).
فهذا ما وقفنا عليه من مذاهب الأئمة في حكم جمع صلاتي الجمعة مع العصر ، وبهذا يتبين أن المنع هو مذهب أحمد، وهو الظاهر من مذهب أبي حنيفة أيضا .
والجواز : هو مذهب الشافعية .
وأما المالكية فلم نقف لهم على نص في هذه المسألة .
والله أعلم.
تعليق