السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

قسم ماله في حياته ووضع شرطا فيه ضرر على أحد الورثة

332840

تاريخ النشر : 09-01-2022

المشاهدات : 2471

السؤال

لدى جدي 4 أبناء وبنت واحدة، وهي أمي، وله أرض كبيرة، فقبل أن يتوفاه الله تعالى قام الأبناء بإحيائها بالنخيل والمزروعات، وحفروا بئر ماء يخدم المزرعة كاملة، قبل تقسيمها، فقبل وفاته قسمها 5 أقسام، قسم له، وهو القسم الذي فيه بئر الماء، والبقية لبقية الأبناء، وقال: إن القسم الذي يخصني فهو لابنتي، والبئر والخدمات يحق للجميع الانتفاع بها في حياتي ومماتي، ولا تمنع إخوتها من الاستفادة منه حسب ما نقل عنه، ولم تكن هناك ورقة موقع عليها منه، فبعد وفاته كل من الأبناء انتفع بقطعة أرضه إلا والدتي لم تستطع أنت تضع سورا، أو أن تمنع إخوانها من دخول حقها، بسبب أن إخوانها ألزموها بأن حقها من أبيها مرتبط بشرط أن يتنتفعوا بالبئر والخدمات، فهل تصرفهم جائز في حرمانها من الانتفاع من حقها؟ وهل شرط المورث ثابت حتى بعد موته على فرض أنه قال ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز للإنسان أن يقسم ماله في حياته على ورثته إذا راعى القسمة الشرعية، وقبضها الورثة في حياته، وتصرفوا فيها تصرف المالكين.

فإن حصل تفضيل، ورضي أولاده، وهم بالغون راشدون: فلا حرج.

ثانيا:

إذا أمكن انتفاع أخوالك بالماء مع حفظ حق والدتك وانتفاعها التام به، وذلك بتسوير الأرض، وعمل مجرى للماء تحت سورها، فالحمد لله.

وإذا لم يمكنها الانتفاع التام بنصيبها، أو حصل لها ضرر بدخولهم وخروجهم، فيلغى الشرط، أو تعاد القسمة، ويكون لها نصف نصيب الذكر.

وذلك لأمرين:

الأول: أن الهبة إذا كانت جائرة، وتوفى الواهب، لزم إدخال الهبات في التركة وإعادة القسمة، إلا أن يرضى الورثة بالحال.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن فضل بعض أولاده على بعض:

" والصحيح من قولي العلماء أنه يجب عليه أن يرد ذلك في حياته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن مات ولم يرده: رُدَّ بعد موته، على أصح القولين أيضا، طاعة لله ولرسوله، واتباعا للعدل الذي أمر به، واقتداء بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا يحل للذي فُضل أن يأخذ الفضل، بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به، والله سبحانه وتعالى أعلم" انتهى من "الفتاوى الكبرى"(4/184).

وقال رحمه الله: "يجب على الرجل أن يسوي بين أولاده في العطية، ولا يجوز أن يفضل بعضا على بعض، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك حيث نهى عن الجور في التفضيل وأمر برده.

فإن فعل ومات قبل العدل، كان الواجب على من فضل أن يتبع العدل بين إخوته؛ فيقتسمون جميع المال - الأول والآخر - على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (31/297).

وسئل علماء اللجنة الدائمة عمن سجل مزرعة باسم أحد أبنائه ثم مات، فأجابوا بقولهم: " ... وإن كان والدك قد مات: فاقسم التركة بينك وبين بقية الورثة، حسب الحكم الشرعي" انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة"(16/216).

وعلى ذلك؛ فإما أن يُرضي الإخوةُ أختَهم، ويلغوا الشرط، أو يتفقوا على طريقة يحصل بها النفع للجميع دون ضرر عليها، وإما أن تعاد القسمة.

الثاني: أن تنفيذ الشرط بعد موت الأب، يعتبر وصية، والوصية لوارث لا تنفذ إلا بموافقة بقية الورثة، وقد روى الدارقطني من حديث ابن عباس مرفوعا: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/456): " (وتحرم) الوصية (ممن يرثه، غير زوج أو) غير (زوجة، بزائد على الثلث لأجنبي، ولوارث بشيء) نصا؛ [أي : نص عليه الإمام أحمد] ، سواء كانت في صحته أو مرضه.

أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث، فلقوله صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قال فالشطر؟ قال لا. قال: فالثلث. قال: الثلث، والثلث كثير» الحديث" متفق عليه.

وأما تحريمها للوارث بشيء، فلحديث :إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه الخمسة إلا النسائي من حديث عمرو بن خارجة وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي.

(وتصح) هذه الوصية المحرمة (وتقف على إجازة الورثة) ؛ لحديث ابن عباس مرفوعا " لا تجوز وصية لوارث ؛ إلا أن يشاء الورثة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: لا وصية لوارث؛ إلا أن تجيز الورثة. رواهما الدارقطني. ولأن المنع لحق الورثة. فإذا رضوا بإسقاطه، نفذ" انتهى.

وإن حصل نزاع، فالمرجع للقضاء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب