الحمد لله.
ما قام به هذا المعلم جرم عظيم، ومنكر كبير، والظاهر من السؤال أنه قد وطئ في الفرج، فإن كان كذلك، فهو زنا صريح يستحق به الرجم بالحجارة حتى الموت، مع ما ينتظره من العذاب الأليم في الآخرة إلا أن يتوب.
وقد روى البخاري (7047) عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أتاني الليلة آتيان ، وإنهما ابتعثاني فانطلقا بي. قال: فانطلقنا حتى إذا أتينا على مثل التنور، فإذا فيه لغَط وأصوات، قال: فاطّلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم اللهب ضَوضَوْا، قال : قلت لهما : ما هؤلاء ؟ ...
فقالا لي: ....، وأما الرجال والنساء الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني ..).
والتنور: هو الكانون أو الفرن الذي يخبز فيه .
ومعنى ضَوْضَوْا: أي ارتفع صوتهم ولغطهم.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(138270).
وأما الفتاة : فإن كانت لا تعلم أن هذا زنا، فنرجو أن يعفو الله عنها.
أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (13644): " أن امرأة نُوبِيَّةً قَدْ صَلَّتْ وَصَامَتْ، وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لَمْ تَفْقَهْ، فَلَمْ يُرَعْ إِلَّا حَبَلُهَا، وَكَانَتْ ثَيِّبًا، فرفع أمرها إلى عمر، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا فَقَالَ: حَبلْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ مِنْ مَرْغُوشٍ بِدِرْهَمَيْنِ، وَإِذَا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِذَلِكَ لَا تَكْتُمُهُ!! فَصَادَفَ عِنْدَهُ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَقَالَ: أَشِيرُوا عَلَيَّ، وَكَانَ عُثْمَانُ جَالِسًا، فَاضْطَجَعَ، فَقَالَ عَلِيٌّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ: قَدْ وَقَعَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، فَقَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ يَا عُثْمَانُ. فَقَالَ: قَدْ أَشَارَ عَلَيْكَ أَخَوَاكَ. قَالَ: أَشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ. قَالَ عُثْمَانُ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ، وَلَيْسَ الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، فَأَمَرَ بِهَا فَجُلِدَتْ مِائَةً، ثُمَّ غَرَّبَهَا، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَتْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا الْحَدُّ إِلَّا عَلَى مَنْ عَلِمَ".
فلم يرجمها لجهلها، وأنزل بها عقوبة البكر، وكانت قد أُعتقت.
وروى عبد الرزاق (13647) عَنْ يَحْيَى بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "زَنَتْ مَوْلَاةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا: مَرْكُوشٌ، فَجَاءَتْ تَسْتَهِلُّ بِالزِّنَا، فَسَأَلَ عَنْهَا عُمَرُ عَلِيًّا، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَقَالَا: تُحَدُّ فَسَأَلَ عَنْهَا عُثْمَانَ، فَقَالَ: أُرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ، وَإِنَّمَا الْحَدُّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ، فَوَافَقَ عُمَرُ فَضَرَبَهَا، وَلَمْ يَرْجُمْهَا.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ولا حد على من لم يعلم تحريم الزنى. قال عمر، وعثمان، وعلي : لا حد إلا على من علمه. وبهذا قال عامة أهل العلم. فإن ادعى الزاني الجهل بالتحريم، وكان يحتمل أن يجهله، كحديث العهد بالإسلام والناشئ ببادية، قُبِل منه؛ لأنه يجوز أن يكون صادقا، وإن كان ممن لا يخفى عليه ذلك، كالمسلم الناشئ بين المسلميَن وأهل العلم: لم يقبل؛ لأن تحريم الزنى لا يخفى على من هو كذلك، فقد عُلم كذبه" انتهى من "المغني" (9/58).
وإن كان حصل منها تفريط في التعلم، وتساهل في العلاقة المحرمة، فلتستغفر الله ، ولتتب إليه سبحانه وتعالى، ولتستر نفسها. وكان الأولى بها ألا تخبرك، وألا تخبر أحدا بما جرى لها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا هذه القاذورة التي نهى الله عز وجل عنها، فمن ألمّ فليستتر بستر الله عز وجل) والحديث رواه البيهقي وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم: (663).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(20237)، ورقم:(239023).
وفيما ذكرت عبرة وعظة لمن يتساهل في أمر الاختلاط، والعلاقة بين الرجل والمرأة، فكيف يقع الزنا مرات - عياذا بالله - لولا التساهل والخلوة والاختلاط المحرم.
والله أعلم.
تعليق