الحمد لله.
أولا: الزنا عمل قبيح، وفاحشة منكرة، سواء كان من الرجل أو المرأة
الزنا عمل قبيح، وفاحشة منكرة، سواء كان من الرجل أو المرأة، وقد سوت الشريعة بينهما في العقوبة، فالزاني البكر –رجلا كان أو امرأة- يجلد مائة، والزاني الثيب – رجلا كان أو امرأة- يرجم حتى الموت.
وقد نقلنا في الجواب المشار إليه – الثاني - كلام ابن القيم رحمه الله في بيان أن زنا المرأة أقبح من زنا الرجل.
قال رحمه الله: "" الزِنى من المرأة أقبحُ منه بالرجل ، لأنها تزيد على هتكِ حقِّ الله : إفسادَ فراشِ بعلها ، وتعليقَ نسبٍ من غيره عليه ، وفضيحةَ أهلها وأقاربها ، والجناية على محض حق الزوج ، وخيانته فيه ، وإسقاط حرمته عند الناس ، وتعييره بإمساك البغى ، وغير ذلك من مفاسد زناها" . انتهى من "زاد المعاد" (5/377) .
فهما يشتركان في هتك حق الله، وفي العقوبة في الدنيا، وفي عذاب الله في الآخرة ؛ ثم تزيد المرأة بهذه المعاني: إفساد فراش زوجها، وإدخال نسب من غيره عليه، وفضيحة أهلها وأقاربه، وإسقاط حرمة زوجها بين الناس.
وهذه المفاسد لا تقع ، أو تقل مع زنا الرجل، فإنه إذا زنى لم يفسد فراش زوجته، ولم يدخل نسبا عليها من غيرها، وفضيحة أهله وأقاربه دون فضيحة أهل المرأة وأقاربها، وتعيير زوجته وإسقاط حرمتها دون ما يحصل للرجل إذا زنت امرأته.
وهذا لا يعني أن زنا الرجل لا تترتب عليه مفاسد أو ليس قبيحا منكرا، بل هو قبيح ومنكر ، ومن كبائر الذنوب ، لكن المفاسد المترتبة على زنا المرأة أشد.
ثانيا: إذا وقع الزوج في الزنا فإن إثمه ووزه عليه لا يتحمله غيره
قولك: " فوجدت في مقدمة جوابكم على سؤال زوجة زاني (110141) " تبريراً لفعل زوجها في المقدمة من ذكرٍ لفتنة النساء وشدتها على الرجال، وبصيغة تشرَك الزوجة بها في الذنب كونها قد تكون قصرت في حق زوجها ".
فنقول: معاذ الله أن نبرر الزنا، أو أن نشرك الزوجة في ذنب زوجها، حتى لو قصرت في حق زوجها.
فلو أن المرأة أهملت زوجها ولم تعطه حقه ولم تتزين له، فذهب فوقع في الزنا، فإن وزره عليه، لا يتحمله غيره، وتأثم المرأة بعدم إعطاء الحق، لكن لا علاقة لها بإثم الزنى، بحال. قال تعالى: (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/111، وقال تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى الأنعام/165.
قال ابن كثير رحمه الله: " وَقَوْلُهُ: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى : إِخْبَارٌ عَنِ الواقع يوم القيامة في جَزَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمِهِ وَعَدْلِهِ، أَنَّ النُّفُوسَ إِنَّمَا تُجَازَى بِأَعْمَالِهَا، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، وَأَنَّهُ لَا يُحْمَلُ مِنْ خَطِيئَةِ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ. وَهَذَا مِنْ عَدْلِهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ: وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [فَاطِرَ: 18] ، وَقَوْلُهُ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا [طه: 112].
قَالَ عُلَمَاءُ التَّفْسِيرِ: فَلَا يُظْلَمُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ غَيْرِهِ، وَلَا يُهْضَمُ بِأَنْ يُنْقَصَ مِنْ حَسَنَاتِهِ" انتهى من "تفسير ابن كثير" (3/ 383).
وإنما كان الجواب في علاج مشكلة من يعترف لزوجته بالزنا، وكان من سبل العلاج أن تنظر في علاقتها مع زوجها فربما كانت مقصرة فيها، وليس في هذا تحميلها شيئا من إثم زوجها ، أو تبرير لفعله، وقد نص الجواب على هذا.
جاء في الجواب المذكور: " وعلى الزوجة التي تعلم من زوجها وقوعه فيما حرَّم الله مع النساء الأجنبيات أن تسارع إلى تذكيره بتقوى الله ، وأن تخوفه من أليم عذابه ، وأن تقطع الطريق على الشيطان أن يقوده إلى الرذائل والفواحش، وأن تبحث عن الأسباب التي أدَّت به إلى الوقوع في هذه المحرمات فتعالجها، فلا تبق خادمة في بيتها، ولا تمكنه من النظر إلى صاحباتها، أو الخلوة بهن، أو الحديث معهن، كما عليها أن تبحث في نفسها فقد تكون مقصرة في حقه في الفراش، ولا تشبع رغبته بسبب عملها، أو انشغالها. وهذا كله لا يعني أنه يحل له ما فعله – إن ثبت عنه – فالزنا من كبائر الذنوب ، وهو متزوج ، وعقوبته الرجم حتى الموت ، وإنما نريد علاج واقع أمامنا".
ونسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا لصالح القول والعمل.
والله أعلم.
تعليق