الحمد لله.
الصيام ليس خاصا بأمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل كان مفروضا على من قبلنا، كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ البقرة/183 .
واليهود النصارى اليوم يصومون، لكن صيامهم مختلف عن صيام المسلمين : في زمانه، وكيفيته، وفي اعتقاد فرضيته أو أنهم مخيرون فيه.
أما اليهود فالصيام عندهم "يبتدىء من قبل غروب الشمس، إلى بعد غروب الشمس من اليوم اللاحق، ويمتنعون فيه عن الطعام والشراب والجماع، وبعض الأيام يكون صيامهم فيه من شروق الشمس إلى غروبها، ويمتنعون فيه عن الطعام والشراب فقط.
ولليهود أيام عديدة متفرقة يصومونها لمناسبات عدة، منها:
-صوم يوم الغفران: وهو أهم صوم عندهم، وهو الصوم الوحيد الذي يعزونه إلى الأسفار الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلام.
-صوم تموز: وهو صيام يوم واحد وهو في الثامن عشر من شهر تموز اليهودي، ويعتبرونه حداداً على حوادث مختلفة، أهمها: تحطيم ألواح التوراة، إبطال القربان اليومي صباحاً ومساء، إحراق التوراة في أورشليم على يد القائد "إتسويندوموس"، وكذلك يجعلون هذا الصوم ذكرى بداية مهاجمة تيطس الروماني لأورشليم بقصد إبادة اليهود سنة 70م.
-صيام التاسع من آب: وهو ذكرى سقوط أورشليم على يد تيطس، وتخريب الهيكل الثاني زمن ادريانوس" دراسات في الأديان: اليهودية والنصرانية"، د. سعود بن عبد العزيز الخلف، ص134 وما بعدها.
وأما النصارى فالصوم عندهم "هو الامتناع عن الطعام حتى بعد منتصف النهار، ثم تناول طعام خال من الدسم عند البعض، والبعض منهم يرى أن الصوم امتناع عن الأكل والشرب من الصباح إلى المساء.
وهم يصومون يوم الأربعاء لأنه يوم المشاورة على موت المسيح عندهم، ويوم الجمعة لأنه صلب عندهم فيه المسيح، وصوم الميلاد وعدد أيامه 43 يوماً تنتهي بعيد الميلاد، وأياماً أخرى غيرها وضعوها لمناسبات خاصة تختلف من كنيسة إلى كنيسة.
وبعضهم يرى أنه لا يوجد صيام دوري على النصراني بل يصوم الإنسان وقت الحاجة للصيام، ويَعْتِبر كل صيام محدد بدعة غير مشروعة ...
فإن المسيح حض على الصوم عموماً، ولم يحدد فيه كيفية ولازماناً ولا شيئاً من ذلك، فتأوله كل جماعة منهم على ما أرادوا، بدون أن يكون هناك أي دليل يعتمد عليه من قبل المسيح.
وهذا كله لأن النصارى فصلوا بين العبادة الواردة في العهد القديم، والعبادة في العهد الجديد، فحرم عليهم بولس العمل بشيء من تعاليم الناموس (التوراة) كما سبق بيانه - فصارت ديانتهم دعوة عامة ليس فيها تفصيل لشيء من العبادات" انتهى من المصدر السابق، ص341
وقال الشيخ أبو زهرة رحمه الله: "عند النصارى عبادتان: هما الصلاة، والصوم.
أما الصوم فإنهم يقولون إن شرعه عليهم اختياري لا إجباري، وميقاته قد تتخالف فيه الفرق" انتهى من "محاضرات في النصرانية" ص111
وقد ساق العلامة القاسمي رحمه الله في تفسيره نصوصا من العهدين القديم والجديد جاء فيها ذكر الصوم، وختمها بقوله:
" ومتى أطلق الصوم في كل شريعة، فلا يقصد به إلّا الامتناع عن الأكل كلّ النهار إلى المساء، لا مجرّد إبدال طعام بطعام" انتهى من "تفسير القاسمي" (2/ 18، 19).
وهذه إشارة إلى تحريف النصارى للصوم.
وانظر مزيدا من الكلام على صيام اليهود والنصارى واختلاف طوائفهم فيه، تحت هذا الرابط:
http://iswy.co/evjm9
والله أعلم.
تعليق