الحمد لله.
أولا:
إذا كان الصيام يسبب لك نزيفا ، ويترتب عليه ضرر ظاهر، كفقر الدم، فينبغي أن تعالجي ذلك أو تعوضي النقص.
فإن لم تتحسن حالتك بالعلاج ، فهذا عذر يبيح لك الفطر.
ثم ينظر في أمرك بعد ذلك، فإن كان يرجي لك الشفاء، فإنك تقضين الأيام التي أفطرتها فيما بعد ، لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ البقرة/184 .
وإن كان لا يرجى تعافيك ، وقدرتك على الصيام دون ضرر، فإنه لا يلزمك قضاء، وإنما تطعمين عن كل يوم مسكينا؛ لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ .
روى البخاري (4505) عَنْ عَطَاءٍ أنه سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ ؛ فَلَا يُطِيقُونَهُ : فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ ؛ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ الْكَبِيرَةُ لَا يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا ؛ فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا ".
وقيس على ذلك المريض الذي لا يرجى برؤه.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/ 198): " ومتى قرر الأطباء أن هذا المرض الذي تشكو منه، ولا تستطيع معه الصوم، لا يرجى شفاؤه : فإن عليك أن تطعم عن كل يوم مسكينًا ، نصف صاع من قوت البلد ، من تمر أو غيره ، عن الشهور الماضية والمستقبلة، وإذا عشيتَ مسكينًا أو غديته بعدد الأيام التي عليك : كفى ذلك، أما النقود فلا يجزئ إخراجها " انتهى.
والذي ننصحك به أن تراجعي الطبيبة، وأن تعوضي النقص بالدواء، وينبغي فيما بعد أن تستعدي لرمضان بأخذ الدواء قبله.
ثانيا:
أما الخمول ، وخفة الرأس ، أو الصداع اليسير، فهذا لا يبيح الفطر، وهو أمر معتاد لمن لم يعتد الصوم.
قال ابن قدامة رحمه الله: "والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم ، أو يخشى تباطؤ برئه" انتهى من "المغني" (3/ 155).
وقال في "كشاف القناع" (2/ 310): "(ولا يفطر مريض لا يتضرر بالصوم ، كمن به جرب أو وجع ضرس أو أصبع أو دمل ونحوه) .
قيل لأحمد : متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع .
قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى" انتهى.
فاستعيني بالله تعالى، وتوكلي عليه، واحتسبي أجر الصيام، فإن من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه رواه البخاري (1910)، ومسلم (760).
والله أعلم.
تعليق