الحمد لله.
أولا:
موقف علماء الحديث من : سعد بن سعيد بن قيس
روى الإمام مسلم في "الصحيح" (1164) عن سَعْد بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتِ بْنِ الْحَارِثِ الْخَزْرَجِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ .
فهذا الحديث من حديث سَعْد بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ، وقد ضعّفه بعض أهل العلم، حيث حكموا بضعف حفظه.
قال الترمذي رحمه الله تعالى: "وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ هُوَ أَخُو يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الحَدِيثِ فِي سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ." انتهى "سنن الترمذي" (3 / 123).
ومن هؤلاء الإمام أحمد، حيث قال رحمه الله تعالى:
"سعد بن سعيد أخو يحيى بن سعيد الأنصاري ضعيف الحديث، وعبد ربه بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد جميعا ثقتان." انتهى من"العلل ومعرفة الرجال" (1 / 513).
ورأى ابن حبان أن ضعفه ووهمه ليس بالفاحش، حيث قال رحمه الله تعالى:
"وكان يخطىء لم يفحش خطأه فلذلك سلكناه مسلك العدول." انتهى من"الثقات" (6 / 379).
وإلى نحو هذا ذهب ابن عدي، حيث قال رحمه الله تعالى:
"ولسعد بن سعيد أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة، ولا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه." انتهى من"الكامل" (4 / 389).
وقال ابن أبي حاتم:
"ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: سعد ابن سعيد صالح.
سمعت أبي يقول: سعد بن سعيد الأنصاري مؤدى.
قال أبو محمد: يعني أنه كان لا يحفظ، يؤدى ما سمع." انتهى من"الجرح والتعديل" (4 / 84).
وأما آخرون، فقبلوا حديثه.
فقد وثقه ابن سعد، فقال رحمه الله تعالى:
"وكان ثقة قليل الحديث دون أخيه." انتهى. "الطبقات الكبرى - القسم المتمم لتابعي أهل المدينة" (ص 339).
وقد اعتمده مسلم كما نرى في هذا الحديث، وقد ساق له البخاري حديثا مستشهدا به (1482).
وقال الذهبي رحمه الله تعالى:
"سعد بن سعيد الأنصاري أخو يحيى.
حسن الحديث تابعي ضعفه أحمد وابن معين." انتهى من"المغني" (1 / 254).
ومثل هذا الراوي غايته أنه صدوق لكن يهم، كما لخص حاله الحافظ ابن حجر في "تقريب التهذيب" (ص 231).
وقال الذهبي في "الكاشف" (1 / 428):
"صدوق، قال النسائي: ليس بالقوي." انتهى.
ومن هذا حاله لا يهدر حديثه كله، بل يقبل من حديثه ما تبيّن منه أنه لم يهم ولم يخطئ فيه.
ومسلم من أئمة علم الحديث؛ فإخراجه لحديث سعد في "الصحيح" هذا دليل على أنه ترجح لديه صحة هذه الرواية.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "سلمنا ضعفه، لكنْ مسلم إنما احتج بحديثه لأنه ظهر له أنه لم يخطىء فيه، بقرائن ومتابعات، ولشواهد دلته على ذلك، وإن كان قد عرف خطؤه في غيره، فكون الرجل يخطىء في شيء لا يمنع الاحتجاج به، فيما ظهر أنه لم يخطىء فيه.
وهكذا حكم كثير من الأحاديث التي خرجاها، وفي إسنادها من تكلم فيه من جهة حفظه." انتهى من"تهذيب السنن" (3 / 1216).
وهذا الحديث قد احتفت به قرائن تدل على حفظ سعد له وعدم وهمه فيه.
فقد أخذه عنه عدد من الحفاظ وقبلوه منه ورووه عنه.
قال ابن عدي رحمه الله تعالى:
" حديث سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب: (من صام رمضان...) فهو مشهور، ومدار هذا الحديث عليه، قد حدّث به عنه: يحيى بن سعيد أخوه، وشعبة والثوري، وابن عيينة وغيرهم من ثقات الناس . انتهى من"الكامل" (4 / 388).
وقال الدارقطني رحمه الله تعالى:
"يرويه جماعة من الثّقات الحفّاظ، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيّوب. منهم: ابن جريج، والثّوريّ، وعمرو بن الحارث، وابن المبارك، وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم." انتهى من"العلل" (6 / 107).
وقال ابو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى:
" فكان هذا الحديث مما لم يكن بالقوي في قلوبنا، لما سعد بن سعيد عليه في الرواية عند أهل الحديث، ومن رغبتهم عنه، حتى وجدناه قد أخذه عنه من قد ذكرنا أخذه إياه عنه، من أهل الجلالة في الرواية والثبت فيها؛ فذكرنا حديثه لذلك." انتهى من "شرح مشكل الاثار" (6 / 121).
كما قد قواه أهل العلم بمتابعات وشواهد.
فأما المتابعات:
فقد أشار إلى هذا الترمذي رحمه الله تعالى، فقال:
"حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ...
وَقَدْ رَوَى عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا." انتهى من"سنن الترمذي" (3 / 123).
وهذه المتابعة من صفوان بن سليم رواها أبو داود(2433)، والنسائي في "السنن الكبرى" (2876)، والحميدي (385) وغيرهم عن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدراوردي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَسَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ).
وعَبْدُ الْعَزِيزِ بْن مُحَمَّدٍ، وإن كانوا قد تكلموا في حفظه؛ فغاية حاله أن يستشهد ويعتبر بحديثه.
وقد تابعه أيضا أخوه يحيى بن سعيد وهو ثقة ثبت.
رواه النسائي في "السنن الكبرى" (2879)، عن عُتْبَة بْن أَبِي حَكِيمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ أَبِي أَيُّوبَ فَصَامَ رَمَضَانَ وَصُمْنَا، فَلَمَّا أَفْطَرْنَا، قَامَ فِي النَّاسِ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، وَصَامَ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ .
ثم قال النسائي: "عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيِّ".
وعتبة مختلف في توثيقه.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
"عتبة بن أبي حكيم... مختلف في توثيقه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث." انتهى من"الكاشف" (1 / 696).
وقال في "المغني" (2 / 422): "عتبة بن أبي حكيم. قال أبو حاتم: صالح. ووثقه ابن معين مرة، وضعفه أخرى، وكان أحمد بن حنبل يلينه." انتهى.
وغاية حاله أنه من أهل الصدق، لكن يدخل في حديثه الوهم والخطأ، فهو مما يعتبر بحديثه في المتابعات والشواهد.
وقد رواه الحميدي (386) من حديث إِسْمَاعِيل بْنِ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
ورواه النسائي في الكبرى (2878) من حديث عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ.
حيث قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا .
وهذا رجال إسناده ثقات، إلا أنه موقوف على أبي أيوب.
وكذا ورد موقوفا من رواية سعد بن سعيد.
رواه الحميدي (384)، قال حدثنا سُفْيَانُ قَالَ: حدثنا سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الحميدي: فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ أَوْ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ يَرْفَعُونَهُ قَالَ: اسْكُتْ عَنْهُ، قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ.
لكن، تحديد الأيام والشهر بعبادة خاصة لا يقال مثله بالاجتهاد، كما هو معلوم من حال الصحابة، فلو رجحنا وقفه على أبي أيوب؛ فالظاهر أنه في حكم المرفوع، خاصة مع ورود ما يشهد له.
وقد ورد عن الإمام أحمد أن رجح وقفه، ورجح استحباب العمل به، كما سيأتي.
وقد ذكروا له شواهد بمعناه. قال ابن حبان رحمه الله تعالى في "صحيحه" (8/ 398): "ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ".
ثم ساقه من حديث ثوبان رضي الله عنه، فروى عن الْوَلِيد بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْحَارِثِ الذِّمَارِيُّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَقَدْ صَامَ السَّنَةَ .
وحديث ثوبان هذا رواه أيضا الإمام أحمد في "المسند" (37 / 94)، وابن ماجه (1715) وغيرهما من طرق عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
"قال أبي: قد سمع يحيى بن الحارث الذماري هذا الحديث من أبي أسماء...
وحديث ثوبان: الصحيح: يحيى بن الحارث؛ أنه سمع أبا أسماء الرحبي، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم." انتهى من"علل الحديث" (3 / 124).
فالحديث ثابت بمجموع ما سبق ذكره.
ثانيا:
لا دليل على نفي صوم النبي صلى الله عليه وسلم لصيام الست من شوال
نفي صوم النبي صلى الله عليه وسلم لها، لا دليل عليه، وإنما غايته أنه لم ينقل، وكما لم ينقل أنه صامها، لم ينقل أيضا أنه لم يصمها، فالأمر مسكوت عنه.
وعدم وجود خبر على صومه لها، قد يعود إلى أن الصوم مجرد إمساك قد لا يعلمه الناس، وليس كالتنفل بالصلوات، فقد يصوم ولا يعلم به أصحابه، وأما أزواجه فكان يقسم بينهن أيامه، فقد يصوم يوما عند هذه، ويوما عند أخرى، فلا يُحِطْنَ بصيامه للستة.
كما قال النووي رحمه الله تعالى في توجيه نفي عائشة رضي الله عنها لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الضحى، حيث قال:
"... قالت في الرواية الثانية: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى)، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر من الأوقات، فإنه قد يكون في ذلك مسافرا، وقد يكون حاضرا ولكنه في المسجد، أو في موضع آخر، وإذا كان عند نسائه؛ فإنما كان لها يوم من تسعة، فيصح قولها ما رأيته يصليها..." انتهى من"شرح صحيح مسلم" (5 / 230).
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر من الصوم، فقد يعلمن بصيامه لكن يجهلن نيته وما أراد بصيامه.
كما أن النافلة لا يشترط لفعلها أن يُعلَم بفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها، بل يكفي وجود إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم إليها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: " إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا" رواه البخاري (1128)، ومسلم (718).
فالحاصل؛ أن راوي الحديث سعد بن سعيد لم يبلغ من الضعف إلى حدّ أن يطرح جميع حديثه، بل هو ممن ينتقى من حديثه ما عرف أنه أصاب فيه، ورواية مسلم لحديثه هذا - وهو من أئمة هذا العلم- دليل على أنه ترجح له حفظه لهذا الحديث، وعدم وهمه فيه، فقد أحاطت به قرائن تقويه، كتلقي جماعة من الحفاظ الثقات لهذا الحديث عن سعد، ووجود متابعات وشواهد له.
كما أن من يضعف سعدا: أقوى ما عندهم فيه تضعيف الإمام أحمد له. والإمام أحمد لا يرى بطلان الخبر، بل يذهب إلى صيام هذه الأيام، وثبوت الحديث فيها.
قال عبد الله ابن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى:
"سألت أبي: عن هذه الأيام التي تصام بعد رمضان؟
قال: لا بأس بصيامها، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ستة أيام من شوال)؛ فإذا صام ستة أيام من شوال لا يبالي فرق أو تابع." انتهى من "مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله" (ص 193).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"إتباع رمضان بست من شوال مستحب، نص عليه أحمد في غير موضع، وقال في رواية الأثرم: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من ثلاثة أوجه، عن أبي أيوب وجابر وثوبان... وكان أحمد ينكر على من يكرهها كراهة أن يلحق برمضان ما ليس منه؛ لأن السنة وردت بفضلها والحض عليها." انتهى من"شرح العمدة – كتاب الصيام" (2 / 556 – 559).
وقال الترمذي رحمه الله تعالى:
"وقد استحب قوم صيام ستة أيام من شوال بهذا الحديث. قال ابن المبارك: هو حسن، هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر." انتهى من"سنن الترمذي" (3 / 123).
وقد استحب صيامها أكثر العلماء.
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
"خرَّج مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر).
ثم اختلف في هذا الحديث وفي العمل به: فمنهم من صححه، ومنهم من قال: هو موقوف، قاله ابن عيينة وغيره، وإليه يميل الإمام أحمد، ومنهم من تكلم في إسناده.
وأما العمل به: فاستحب صيام ستة من شوال أكثر العلماء..." انتهى من "لطائف المعارف" (ص 488).
وعدم وجود خبر بصوم النبي صلى الله عليه وسلم لها، لا يدل على أنه لم يصمها، فيحتمل أنه صامها لكن لم ينقل لسبب.
والله أعلم.
تعليق