الحمد لله.
أولا: النطق بالشهادتين لمن أراد الدخول في الإسلام
النطق بالشهادتين شرط في دخول الإسلام لمن يقدر على النطق بهما .
قال النووي رحمه الله :"اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ: عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ، وَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ : لَا يَكُونُ إِلَّا مَنِ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنَ الشُّكُوكِ ، وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى إِحْدَاهُمَا : لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَصْلًا، إِلَّا إِذَا عَجَزَ عَنِ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ ، أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ، لِمُعَاجَلَةِ الْمَنِيَّةِ ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ : فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (1/ 149).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَأَمَّا " الشَّهَادَتَانِ " إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ : فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا عِنْدَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَجَمَاهِيرِ عُلَمَائِهَا " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 609).
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" لا بد من النطق بالشهادتين، فلو أمكنه النطق ، ولكنه امتنع من النطق : لم يدخل في الإسلام حتى ينطق بالشهادتين، وهذا محل إجماع من أهل العلم، ثم مع النطق لا بد من اعتقاد معنى الشهادتين والصدق في ذلك " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 340).
فإذا لم تكن زوجتك نطقت بالشهادتين مريدة بذلك الدخول في الإسلام، قبل عقد الزواج، فإنك تكون قد تزوجتها وهي غير مسلمة.
وإن كانت أتت بالشهادتين قبل غسلها أو بعده، وقبل عقد النكاح، فقد عقدت عليها وهي مسلمة.
ثانيا: يصح العقد على النصرانية إذا كانت عفيفة أو تائبة من الزنا
إذا عقدت عليها قبل نطقها بالشهادتين، فقد عقدت على نصرانية، والزواج من النصرانية صحيح لو كانت عفيفة تائبة من الزنا.
لكن لا يصح النكاح بلا ولي في مذهب جمهور الفقهاء، وهو الحق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي رواه أبو داود (2085)، والترمذي (1101)، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل رواه البيهقي من حديث عمران وعائشة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم : (7557).
وقوله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له رواه أحمد (24417)، وأبو داود (2083)، والترمذي (1102)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" برقم : (2709).
وولي المرأة يكون على دينها، وهو ابنها، ثم أبوها، ثم جدها، ثم أخوها، ثم ابن أخيها، ثم عمها، ثم ابن عمها، على الترتيب.
فإن كانت نصرانية، فوليها من كان على دينها من عصبتها: أبوها أو جدها أو أخوها.
قال ابن قدامة : " وأما المسلم فلا ولاية له على الكافرة ، غير السيد والسلطان ... وذلك لقوله تعالى ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) " انتهى من "المغني" (9/377).
والنكاح دون ولي لا يصح كما تقدم.
لكن مع فساد العقد، إلا أنه إذا تم على يد قاض ، أو مأذون من قِبَله : فإنه يُقر ، ولا ينقض.
وحيث إن العقد تم في مكتب العدول، فإنه لا ينقض.
وأما إن كانت نطقت بالشهادتين قبل العقد:
1-فإن لم يكن لها ولي مسلم، فزواجكما صحيح؛ لأن مكتب العدول ينوب عن القاضي.
2-وإن كان لها ولي مسلم: لم يصح العقد؛ لأنه تم دون ولي. ويقال هنا ما تقدم من أن العقد لا ينقض.
والأحوط تجديد العقد ، وهو أمر يسير، فيعقد لك وليها –المسلم- في حضور شاهدين. فيقول الولي: زوجتك فلانة، وتقول: قبلت الزواج من فلانة.
فإن لم يوجد لها ولي مسلم، عقد لكما الآن قاض مسلم، فإن لم يمكن، فإمام الجامع أو المسجد.
قال في "كشاف القناع"(5/ 52): " (فإن عدم الولي مطلقا) بأن لم يوجد أحد ممن تقدم (أو عضل) وليها ولم يوجد غيره : (زوّجها ذو سلطان في ذلك المكان، كوالي البلد ، أو كبيره ، أو أمير القافلة ونحوه) ؛ لأن له سلطنة، (فإن تعذر) ذو سلطان في ذلك المكان ، (زوجها عدل بإذنها . قال) الإمام (أحمد في دِهقان قرية) - بكسر الدال وتضم ، ودهقن الرجل وتدهقن كثر ماله . قاله في الحاشية - أي (رئيسها: يزوج من لا ولي لها ، إذا احتاط لها في الكفؤ والمهر، إذا لم يكن في الرستاق قاض) ؛ لأن اشتراط الولاية في هذه الحالة يمنع النكاح بالكلية ، فلم يجز، كاشتراط كون الولي عصبة في حق من لا عصبة لها" انتهى.
ثالثا: الولد من نكاح فاسد أو مختلف فيه ينسب لأبيه إذا كان يعتقد صحة النكاح
إذا جاءت بمولود فهو منسوب لك؛ لأنه جاء من نكاح تعتقدان صحته ، حتى لو كان فاسدا أو باطلا في حقيقة الأمر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ ، إذا وطيء فيه : فإنه يلحقه فيه ولده ، ويتوارثان ؛ باتفاق المسلمين ، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر ، باتفاق المسلمين ...
ومن نكح امرأة نكاحا فاسدا متفقا على فساده أو مختلفا فى فساده ... فإن ولده منها يلحقه نسبه ويتوارثان باتفاق المسلمين " انتهى من "مجموع الفتاوى" (34/13).
ونسأل الله أن يتقبل توبتكما وأن يعفو عنكما.
والله أعلم.
تعليق