الحمد لله.
أولا:
لا حرج عليكم في دهن المنازل القديمة ومعالجة الرطوبة ونحوها بما يقلل أثرها ولو لمدة، سواء كان صاحبها سيبيعها أو لا، ولا إثم عليكم فيما لو غش صاحب المنزل من سيشتري منه.
لكن لو علمتم أن البائع يخفي الأمر، ويريد منكم الدهان لإخفاء العيب، لزمكم الامتناع؛ لما في عملكم حينئذ من الإعانة على الغش، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ المائدة/2
وأما مع عدم العلم بكتمانه العيب، فلا شيء عليكم، والأصل جواز العمل، والقول بالامتناع عن دهن البيوت القديمة أو الإلزام بسؤال من يبيعها هل بينت العيب أم لا؟ قول لا يخفى بعده.
والواجب حمل أمور المسلمين على السلامة وعدم إساءة الظن بهم؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ الحجرات/12
وروى البخاري (5144)، ومسلم (2563) عن أَبُي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا وَلَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ.
ثانيا:
يلزم من باع منزلا فيه عيب كالرطوبة أن يبينه للمشتري ولا يكتفي بدهنه، بل دهنه دون بيان لعيبه: غش محرم.
وقد روى مسلم (102) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي.
وروى أحمد (5113) عن ابن عمر قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسّنه صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعام رديء فقال: بع هذا على حدة، وهذا على حدة، فمن غشنا فليس منا وصححه محققو المسند.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "وضابط الغش المحرم أن يعلم ذو السلعة، من نحو بائع أو مشتر، فيها شيئا، لو اطلع عليه مريد أخذها: ما أخذها بذلك المقابل، فيجب عليه أن يُعلمه به، ليدخل في أخذه على بصيرة" انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/396).
والله أعلم.
تعليق