الحمد لله.
مبادلة النقود بالنقود تسمى الصرف، ويشترط لجوزها إذا اتفقت العملتان: التساوي والتقابض في المجلس؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ رواه مسلم (1587).
والعملات النقدية لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فالريال بالريال مثلا بمثل، يدا بيد.
جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:
"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).
فإذا تم في المجلس تحويل المائة ريال لك، بحيث تدخل في حسابك، وتم إعطاؤك له 98 ريال في نفس المجلس، فقد حصل التقابض، لكن فُقد شرط التماثل، وهذا ربا الفضل المحرم، وقد روى مسلم (2917) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ ، مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى ، الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ .
فإذا اختلفت العملتان لم يشترط غير التقابض.
فلو أعطاك الريال، وأعطيته دولارا مثلا، فلا حرج في التفاضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.
وننبه إلى أن التقابض لا يحصل إلا إذا دخل المال إلى حسابك في نفس المجلس الذي تعطيه فيه العملة الأخرى.
فإذا كان المال لا يدخل في حسابك في المجلس، وإنما يتأخر لطبيعة عمل الفيزا، أو لعدم توفر السيولة في البنك، فقد انتفى شرط التقابض، وهذا ربا النسيئة.
وصاحب الفيزا إن كان لا يمكنه سحب ماله من البنك لعدم السيولة، فإن هذا المال يعتبر دينا على البنك، ولا يجوز بيع الدين –لغير المدين- بأقل منه، سواء بيع بنفس العملة أو بعملة أخرى، لانتفاء التقابض، لكن يجوز بيعه بسلعة أو منفعة، كأن يأخذ مقابل الريال أرزا؛ لعدم اشتراط التقابض أو التماثل بين الريال والأرز، لعدم اشتراط الحلول ولا التماثل.
وإلى هذا ذهب بعض الشافعية، وهو رواية عن أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم، وبه أخذ مجمع الفقه الإسلامي كما جاء في قراره رقم: 158 (7/ 17) بشأن بيع الدين، ونصه:
" من صور بيع الدين الجائزة:
(1) بيع الدائن دينه لغير المدين في إحدى الصور التالية:
(ب) بيع الدين بسلعة معينة.
(ج) بيع الدين بمنفعة عين معينة" انتهى.
نسأل الله أن يقينا وإياك الربا كله.
والله أعلم.
تعليق