السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

حكم تشغيل نصيب شريكه من الربح دون علمه ولمن يكون الربح الجديد؟

342370

تاريخ النشر : 27-05-2022

المشاهدات : 3001

السؤال

لدي تجارة مع شريك ، أقوم عليها، وأحصل أرباحها، واحتفظ بها عندي، ولا نقوم بتوزيع الأرباح، ولم نحدد موعدا لتوزيع الأرباح، إنما تدخر لوقت حاجتنا لها. سؤالي: وفرضا في حالة أن الربح وصل 100 ألف ريال، فلي منها 70 ألف، ولشريكي 30 ألف، وقررت أن أبدأ تجارة أخرى خاصة بي دون شريكي، واحتجت إلى مبلغ 50 ألفا، فأخدت من أرباح الشركة هذا المبلغ ووضعته في التجارة الأخرى، مع العلم أن لدي من الأموال والأصول ما يغطي المبلغ أضعافا والحمد لله، ولكن ليس لدي سيولة كافية، فاستخدمت هذا المبلغ، وإذا احتاج شريكي أو قررنا توزيع الأرباح في أي لحظة سأعطيه مبلغه كاملا، بسهولة شديدة من مصادر أخرى، حتى لو خسرت تجارتي الأخرى كاملة، والآن بعد مضي عدة أشهر، أعدت المبلغ كاملا إلى صندوق الأرباح، ولم يحن حتى موعد توزيعها بعد، وفي المقابل التجارة الأخرى لم يظهر ربحها بعد، ولكن هناك بوادر ربح، ولا يعلم ربحها من خسارتها إلا بعد البيع، وهو غير محدد الموعد، ربما بعد سنة أو عشرا . سؤالي : هل إذا ربحت في تجارتي الأخرى يلزمني أن أعطي شريكي من الربح؛ كوني استخدمت جزءا من ماله في توفير السيولة؟ وهل يعفيني من مشاركته في الربح كوننا لم نتفق على توزيع الربح ، وكوني لم أتاخر عليه، وكونه لن يتاثر بأي خسارة إن حدثت ، وكوني لدي غطاء مالي أكبر من المبلغ الذي استخدمته، ولو طلبه في أي وقت لأعطينه أياه، ولكني استخدمته فقط كسيولة سريعة ؟

ملخص الجواب

الواجب عليك أن تقسم الربح الذي نتج عن الاتجار بماله بينكما، بالنسبة المتعارف عليها بين الناس فيمن ضارب بمال غيره، مع التوبة وطلب المسامحة منه. كما اختار هذا القول شيخ الإسلام، وكما هو موضح في الجواب المطول فينظر للأهمية

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا تشارك اثنان، وربحا، فإن الربح إما أن يضاف إلى رأس المال ويدخل في التجارة، أو أن يسلم لكل منهما نصيبه، أو يبقى أمانة عند من بيده المال، سواء حسبا الربح وقسماه أم لا.

وعلى كل حال؛ فليس للشريك أن ينتفع بمال شريكه، أو يقترضه، أو يدخله في شيء من تجاراته ومنافعه، إلا بإذن منه؛ لحرمة مال الغير.

قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ رواه البخاري (67)، ومسلم (1679).

وقال صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ رواه أحمد (20172) وصححه الألباني في "إرواء الغليل"(1459).

فهذا الاستعمال لمال غيرك، ممنوع شرعا، ويترتب عليه الإثم والضمان لو تلف أو نقص.

ثانيا:

من اتَّجر بمال غيره دون إذنه فربح، فلمن يكون الربح؟

في ذلك خلاف بين الفقهاء.

فمنهم من قال: إن الربح يكون للمعتدي في مقابل ضمانه للمال، وهو مذهب المالكية والشافعية.

ومنهم من قال: إن الربح لصاحب المال، وهذا مذهب الحنابلة.

ومنهم من قال: يتصدق به، لأنه جاء بسبب خبيث، وهو قول أبي حنيفة ومحمد.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الربح يكون بينهما، فيأخذ المعتدي سهم المثل، فيعامل كما لو أنه أخذ المال مضاربة، فيكون له نصف الربح أو ثلثه أو ربعه، بحسب ما تعارف عليه الناس.

وينظر: "البحر الرائق" (8/ 129)، "مجمع الضمانات" ص 130، "الخرشي على خليل" (6/ 143)، "نهاية المحتاج" (5/ 184)، "مطالب أولي النهى" (4/ 62)، "المغني" (5/ 159)، "الموسوعة الفقهية الكويتية" (22/ 84)، "مجموع فتاوى ابن تيمية" (30/322).

سئل الشيخ الدكتور خالد المشيقح حفظه الله : " سرق شخص سيارة آخر، وقام بالعمل عليها، وكسب منها مبلغاً معيناً، فتم القبض عليه، فلمن يكون هذا المبلغ، للسارق أم لصاحب السيارة؟. -وجزاكم الله خيراً-.

فأجاب : هذا المبلغ موضع خلاف بين أهل العلم، والرأي المختار ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه إذا غصب دراهم، واتجر بها: فإن له سهم المثل، بمعنى: أنه ينظر إلى هذا الشخص الذي عمل بهذه الدراهم، فليأخذ عند أهل العرف والتجارة والخبرة بمثل هذه الأمور، فإن قالوا: يأخذ نصف الكسب فيعطى النصف، وإن قالوا: يأخذ الربع فيعطى الربع، والباقي يكون للمالك.

فمثل هذا الذي عمل على هذه السيارة له سهم المثل، فيعطى قيمة عمله، فإذا كان مثله يأخذ النصف أو يأخذ الربع، والباقي يرده على مالكه، وورد ذلك عن عمر - رضي الله تعالى عنه- في قصة ابنه لما أخذ مالاً من بيت المال، فاستشار عمر - رضي الله تعالى عنه- في ذلك، فأشير عليه أن يجعله قِراضا، يعني: مضاربة رواه مالك في "الموطأ" (1396). والله أعلم " انتهى من فتاوى "موقع الإسلام اليوم".

وعلى القول الأخير، فإنك تقسم الربح الذي نتج عن الاتجار بماله بينكما، بالنسبة المتعارف عليها بين الناس فيمن ضارب بمال غيره، مع التوبة وطلب المسامحة منه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب