الحمد لله.
أولا:
حكم جلسة الاستراحة
جلسة الاستراحة مختلف فيها، والجمهور على أنها غير مشروعة، خلافا للشافعية وأحمد في رواية، وينظر: "الموسوعة الفقهية" (15/ 266).
وقد سبق في جواب السؤال رقم: (21985) بيان أنها سنة من سنن الصلاة، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لها.
متى يكبر المصلي إذا جلس جلسة الاستراحة؟
وإذا سجد المصلي السجدة الثانية، رفع مكبرا، فيجلس للاستراحة، ثم ينهض بعدها بلا تكبير.
هذا الأظهر، كما في حديث أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ" رواه البخاري (789)، ومسلم (392).
والشاهد منه قوله: "ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا".
وفي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي حكاها وهو في عشرة من الصحابة: "ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ فَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا، وَيَفْتَحُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ، وَيَسْجُدُ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَيَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيَثْنِي رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ يَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ" رواه أبو داود (730)، وصححه الألباني.
فذكر التكبير حين يرفع رأسه، ولم يذكر تكبيرا بعد جلسة الاستراحة.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/ 381): "يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود، وانتهاؤه عند اعتداله قائما، ليكون مستوعبا بالتكبير جميع الركن المشروع فيه، وعلى هذا بقية التكبيرات، إلا من جلس جلسة الاستراحة، فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه، ثم ينهض للقيام بغير تكبير. وقال أبو الخطاب: ينهض مكبرا. وليس بصحيح؛ فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد، لم يرد الشرع بجمعهما فيه." انتهى.
وقال المرداوي في "الإنصاف" (2/ 72): "إذا جلس للاستراحة فيقوم بلا تكبير على الصحيح من المذهب، ويكفيه تكبيره حين رفعه من السجود. وقيل: ينهض مكبرا، وقاله أبو الخطاب، وهو من المفردات، ورده الشارح وغيره، وحكاه المجد إجماعا." انتهى.
وذهب جمهور الشافعية إلى أنه يكبر حين يرفع رأسه من السجود، ويمد التكبير حتى يستوي قائما، ويجلس جلسة الاستراحة فيما بين ذلك. ولهم وجه موافق للحنابلة، أنه ينهض بعد الاستراحة بلا تكبير.
قال النووي رحمه الله: "وفي التكبير ثلاثة أوجه حكاها البغوي والمتولي وصاحب البيان وآخرون: (أصحها) عند الجمهور، وبه قطع المصنف هنا وفي التنبيه، ونقله أبو حامد عن نص الشافعي: أنه يرفع مكبرا، ويمده إلى أن يستوي قائما، ويخفف الجلسة.
ودليله: ما ذكره المصنف والأصحاب أن لا يخلو جزء من الصلاة عن ذكر.
(الثاني) يرفع غير مكبر، ويبدأ بالتكبير جالسا ويمده إلى أن يقوم.
(الثالث) يرفع مكبرا، فإذا جلس قطعه، ثم يقوم بلا تكبير. نقله أبو حامد عن أبي اسحق المروزي وقطع به القاضي أبو الطيب.
قال أصحابنا: ولا خلاف أنه لا يأتي بتكبيرتين، ممن صرح بذلك القاضي حسين والبغوي." انتهى من "المجموع" (3/ 441).
وقد اعترض الحافظ ابن حجر رحمه الله على استنباط مد التكبير إلى القيام من السنة. قال، كما في "التلخيص الحبير" (1/ 259): "... ويحتاج دعوى استحباب مده إلى دليل والأصل خلافه." انتهى.
وقد بان بهذا أن الصفتين المسئول عنهما قد قال بهما الفقهاء، فالصفة الأولى عليها الحنابلة، والصفة الثانية وجه عند الشافعية.
والأظهر هو الصفة الأولى، أن يكبر المصلي عند رفعه من السجود، فيجلس للاستراحة، ثم ينهض بلا تكبير.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (5/ 389): "س: كما تعلمون فإن جلسة الاستراحة من مستحبات الصلاة، فهل التكبير يكون عند الرفع من السجود، أم عند الانتهاء من الجلسة والتهيؤ للقيام، وما مقدار هذه الجلسة؟
ج: يكون التكبير عند الرفع من السجود وينتهي بجلوس المصلي جلسة الاستراحة، ثم يقوم بلا تكبير.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن غديان... عبد الرزاق عفيفي... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (279700).
والله أعلم.
تعليق