الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

طلب منه أن يقود السيارة فارتكب حادثا فهل يشتركان في الضمان

344230

تاريخ النشر : 01-03-2022

المشاهدات : 3693

السؤال

أتاني أخ أسكن معه، فقال لي : أحضرت سيارة من مكان عملي لنذهب ونرجع بصاحبي، فوافقت، وفعلا سرنا، وأخذنا صاحبه، وأنا التزم سرعات الطريق، وهوو يدلني على الطريقة عبر خريطة جوجل، وفي آخر المشوار أخطأ بالطريق، فأدخلنا بطريق فرعي، وفي نهاية الطريق فتحة، وكان هناك سيارة أنا أراها تريد الدخول، ولكن قدرت أني سأسبقه، وطبيعي أنه يراني مثلما أراه، وفعلا عبرت الفتحة، فاصطدم بنا في وسط سيارتنا تماما، فنزلنا من السيارة، وقلنا اتصلوا بالشرطة، فقالوا لي: لا تتصل بالشرطة؛ لأن الشرطة إذا أتت ستخالفك أنت، لأن أفضلية المرور له، وحتى لو صدمك هو، فقلت ما العمل، قالوا: اذهب وتكلم مع الرجل، وقل له: نحن نصلح لك سيارتك، لا داعي للشرطة، وهنا كلهم يتكلمون بصيغة الجماعة، والسيارة التي نقودها مأمنة ضد الغير، يعني لو أتت الشرطة كانت خالفتنا ب400 دينار، والتأمين أصلح سيارة الرجل، ونحن صلحنا سيارة عمل صديقي، وكنت محافظا على ظن إننا كلنا شركاء في الضر الواقع، فقلت لهم نعم كما ترغبون، وفي اليوم الثاني أصلحنا سيارة الرجل، وكلفت 900 دينار، يعني أكثر من المخالفة ب 500 دينار، وأصلح صديقي سيارة عمله ب1050 دينار، وعندما أتيت لأطالبه بنصف التكلفة فقال لي : لن أتحمل دينارا واحدا، فأنت كنت تقود السيارة، وأنا لا علاقة لي بشيء أبدا، مع إني يشهد الله تعالى ما كنت أقود السيارة بتهور، وراعيتها، واتقيت الله تعالى بالقيادة، والله تعالى يشهد على ذلك، وهو يشهد على ذلك أيضا، وهو قائم على كل الموضوع، وتنكر لي أيما تنكر، وطال الجدال، ولم يرضَ أن يتحمل دينارا، قلت له: لماذا لم تعلمني بذلك قبل الصعود بالسيارة، قسما بالله ما كنت قبلت قيادتها، وأنا لم أرضَ أن أدفع أكثر من النصف. فسؤالي : هل يجب علي تحمل تكلفة تصليح السيارة كاملة؟ وهل أضمن السيارة بدون علمي، مع العلم إن يرفض التصالح معي على أي مبلغ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا أخطأ قائد السيارة، وترتب على ذلك غرم، فالغرم عليه، لا على من أمره، أو طلب منه أن يسوق السيارة مجانا أو بأجرة، ولا على من ركب معه، سواء كان السائق يعلم بذلك أم لا.

فالجناية تتربت آثارها على الجاني المباشر لها، سواء جنى على نفسه أو على غيره.

قال في "نيل المآرب" (2/ 334): " (أو أمَرَ) مكلفٌ أو غيرُ مكلَّفٍ (مكلَّفاً ينزلُ بئراً أو يصعدُ شجرةً فهلَكَ) بنزولِهِ أو صعود الشَّجَرَةِ لم يضمنه، (أو تلف أجيرٌ لحفرِ بئرٍ، أو) أجيرٌ لـ (بناء حائطٍ، بهدمِ ونحوِ، أو أمكنه إنجاء نفسٍ من هَلَكَةٍ، فلم يفعل) لم يضمن، لأنه لم يفعل شيئاً يكون سبباً" انتهى.

وكونك لا تعلم بذلك وأنك لو علمت ما قدت السيارة، كل ذلك لا يرفع عنك الضمان، فالجهل بالضمان أو ما يترتب على الفعل ليس عذرا.

قال السيوطي رحمه الله: " اعلم ان قاعدة الفقه أن النسيان والجهل مسقط للإثم مطلقا. وأما الحكم فإن وقعا في ترك مأمور لم يسقط بل يجب تداركه ولا يحصل الثواب المترتب عليه لعدم الائتمار ، أو فعل منهي ليس من باب الإتلاف فلا شيء فيه ، أو فيه إتلاف لم يسقط الضمان فإن كان يوجب عقوبة كان شبهة في إسقاطها وخرج عن ذلك صور نادرة" انتهى من "الأشباه والنظائر"، ص 188.

ونظير هذا من يتبرع بإركاب أناس معه، فإنه لو أخطأ أو تسبب في حادث فمات أحد هؤلاء الركاب، لزمته ديته، مع أنه لو علم بذلك ما أركبه.

وكون صاحبك أخطأ في دلالتك على الطريق، أو تعمد أن يدخلك في طريق خاطئ، أو لم ينبهك، أو صرفك عن دفع المخالفة، مما أدى إلى دفعك أكثر منها، فإن ذلك كله لا يرتب عليه شيء بسبب ذلك؛ لأنك مكلف مختار، فعلت ذلك باختيارك، لكن كان يحسن به أن يبين لك أنك من ستتحمل تكلفة الإصلاح، وألا يتكلم بصيغة الجمع التي قد يفهم منها مشاركته في التكلفة، بل يحسن به أن يتحمل التكاليف، ما دمت قد سقت لمصلحته ولم تكن مفرطا، فهذا ما تقتضيه الشهامة ومراعاة الإحسان، لكن ذلك لا يلزمه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب