الحمد لله.
أولا:
لا يجوز الكلام في أمور الغيب بغير القرآن والسنة والصحيحة
أمور الآخرة وما فيها من الغيبيات لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، ولا يجوز أن يتكلم أحد في أمور الغيب بغير قرآن أو سنة صحيحة .
والحديث المشار إليه :
يروى عن محمد بن واسع ، قال : دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت : " إن أباك ، حدثني ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن في جهنم واديا يقال له هبهب ، يسكنه كل جبار فإياك أن تكون منهم ".
أخرجه الدارمي (2858)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (34159)، والحاكم في "المستدرك" (8765) .
وهو حديث ضعيف، فمداره على أزهر بن سنان القرشي ، وهو ضعيف .
قال ابن معين في "ميزان الاعتدال" (1/ 172) : " ليس بشيء ".
وَقَال أبو جعفر العقيلي: " في حديثه وهم ". وينظر: "تهذيب الكمال" (2/ 327).
وقال أبو داود: " ليس بشيء " . "الجامع في الجرح والتعديل" (1/ 56).
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 /396) : فيه أزهر بن سنان وهو ضعيف.
وقد ضعف الحديث الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1181).
ثانيا:
هل صحت أحاديث في ذكر أودية جهنم وعددها؟
لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما وقفنا عليه - حديث في ذكر أودية جهنم ولا في أسمائها ولا في عددها .
ومما ورد في ذكر أودية جهنم من الأحاديث ضعيفة:
1- ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من جُب الحَزَن ، قالوا: يا رسول الله : وما جب الحزن؟ قال : واد في جهنم تتعوذ منه جهنم كل يوم مائة مرة ، قلنا : يا رسول الله ومن يدخله ؟ قال : القراءون المراءون بأعمالهم .
أخرجه الترمذي (2383) وقال: هذا حديث غريب . وابن ماجه (256) .
وهو حديث ضعيف ، فيه عمار بن سيف الضبي ، متروك الحديث .
قال البخارى : لا يتابع ، منكر الحديث ، ذاهب . وقال الدارقطنى : كوفى متروك .
وينظر : "تهذيب التهذيب" (7 / 403).
كما فيه أبو معان أو أبو معاذ البصري، قال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (8375): مجهول.
وضعف الحديث الألباني في "ضعيف الجامع" (2460).
2- عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره .
أخرجه الترمذي (3164)، وأحمد في "المسند" (11712) وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث ابن لهيعة.
كما أخرجه الحاكم في "المستدرك" عن أبي سعيد مرفوعًا (3873) وموقوفًا (3972)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". وقال الذهبي في "التلخيص": صحيح .
والصواب: أنه حديث ضعيف مرفوعًا وموقوفًا ، فمداره على دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم...
ودراج أبو السمح ؛ ضعفه أكثر المحدثين :
قال أبو حاتم : في حديثه ضعف .
و قال النسائى : ليس بالقوى . وقال في موضع آخر: منكر الحديث .
وقال الدارقطنى : ضعيف .
وقال في موضع آخر : متروك .
وحكى ابن عدى ، عن أحمد بن حنبل : أحاديث دراج ، عن أبى الهيثم ، عن أبى سعيد :
فيها ضعف .
وينظر: "تهذيب التهذيب" (3/ 209).
كما أن في إسناد أحمد والترمذي : ابن لهيعة ، وهو ضعيف الحديث، اختلط بأخرة.
ولذلك ضعفه الألباني في "ضعيف الترمذي" (3164)، وقال الأرناؤوط في "تخريج شرح السنة" (4409) : إسناده ضعيف.
والحاصل :
أن الحديث الوارد في ذكر وادي "هبهب" لا يصح ، بل لا يصح حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر أودية جهنم ، ولا في أسمائها ، ولا في عددها .
والله أعلم.
تعليق