الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم بيع أجهزة مع التركيب إذا كان البائع لا يملك الأجهزة ويأخذ من الزبون نصف ثمنها مقدما

345772

تاريخ النشر : 08-06-2022

المشاهدات : 3449

السؤال

أرغب بمعرفة الحكم الشرعي في البيع بالتجزئة لمجال الإلكترونيات، هناك محل يقدم خدمات تصميم وتركيب الأجهزة الإلكترونية، لكن البضاعة تكون عند المورد، ويتم شرائها فقط عند موافقة العميل على عرض السعر، ودفع 50% من المبلغ، وعند الانتهاء من التركيب يدفع المبلغ المتبقي، السبب في ذلك أن المورد يحسب فترة الضمان من تاريخ الشراء، وإذا المحل اشترى كمية فيتضرر عند انتهاء فترة الضمان، وأيضا الموديلات كثيرة ومتنوعة، فإذا قام بتوفير كل الأنواع في المحل، ولم يتم بيعها، فسوف يتضرر أيضا، لهذا تكون عينات موجودة في المحل، أو كتالوج، وفيه الوصف، والصور التوضيحية، ويكون الطلب من المورد بعد أن يدفع العميل المبلغ أ جزء من المبلغ، فهل يندرج الحكم الشرعي تحت الحديث (لا تبع ما ليس عندك)؟ إذا كانت الإجابة نعم، فما هو الحل في هذه الحالة، لأن أغلب المحلات تعمل بهذه الطريقة.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا كان الاتفاق على تصنيع أجهزة، أو إنشاء شبكة، أو منظومة الكترونية، فهذا يدخل في عقد الاستصناع، وهو من مستثنى من (بيع ما ليس عندك)، ولا يجب أن يدفع العميل الثمن كاملا عند العقد. سواء صنعتم بأنفسكم، أو تعاملتم من الباطن مع صانع.

وينظر في عقد الاستصناع جواب السؤال رقم:(2146). 

ثانيا:

إذا لم يكن في الأمر استصناع وإنما هو شراء أجهزة، والحال أنكم لا تملكونها عند العقد، فلا يجوز بيعها إلا بصيغة عقد السلم، وهو مُستثنى من (بيع ما ليس عندك)؛ لكن يُشترط فيه تسليم الثمن كاملا في مجلس العقد.

وثمة بدائل أخرى كالمرابحة، والوكالة بأجرة.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي بشأن عقد التوريد:

" ثانيا: إذا كان محل عقد التوريد سلعة تتطلب صناعة، فالعقد استصناع تنطبق عليه أحكامه. وقد صدر بشأن الاستصناع قرار المجمع رقم 65 (3/ 7).

ثالثا: إذا كان محل عقد التوريد سلعة لا تتطلب صناعة، وهي موصوفة في الذمة، يلتزم بتسليمها عند الأجل، فهذا يتم بإحدى طريقتين:

أ- أن يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد، فهذا عقد يأخذ حكم السلم، فيجوز بشروطه المعتبرة شرعا المبينة في قرار المجمع رقم 85 (2/ 9).

ب- إن لم يعجل المستورد الثمن بكامله عند العقد، فإن هذا لا يجوز لأنه مبني على المواعدة الملزمة بين الطرفين. وقد صدر قرار المجمع رقم 40 و 41 المتضمن أن المواعدة الملزمة تشبه العقد نفسه، فيكون البيع هنا من بيع الكالىء بالكالىء. أما إذا كانت المواعدة غير ملزمة لأحد الطرفين، أو لكليهما؛ فتكون جائزة، على أن يتم البيع بعقد جديد أو بالتسليم " انتهى.

 وبيان ذلك كما يلي:

1-عقد السلم:

وهو بيع موصوف في الذمة، بثمن معجل في مجلس العقد.

فتبيعون أجهزةً، بمواصفات محددة منضبطة، مع الاتفاق على تسليمها في أجل معلوم، بشرط أن يدفع المشتري الثمن كاملا، في مجلس العقد.

قال في "هداية الراغب"، ص 338: " وَالسَّلَمُ شَرْعًا: عَقْدٌ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي ذِمَّةٍ، مُؤَجَّلٌ، بِثَمَنٍ مَقْبُوضٍ بِمَجْلِسِ عَقْدٍ" انتهى.

ويشترط دفع الثمن كاملا، وقد استنبطه الشافعي من قوله صلى الله عليه وسلم : مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ رواه البخاري (2240)، ومسلم (1604).

 فقوله: (فَلْيُسْلِفْ) يعني تقديم رأس المال كاملا في مجلس العقد، ولئلا يكون من بيع الكالئ بالكالئ أي الدين بالدين، فإن السلعة غير حاضرة.

قال ابن القطان في "مسائل الإجماع" (2/239) : " وأجمعوا أن المسلم والمسلم إليه إذا افترقا قبل قبض رأس (المال) - على شرط كان في عقدة السلم، أو على غير شرط - بطل السلم بينهما، إلا مالكًا فإنه قال: إن كان ذلك على غير شرط، وتقابضا بعد اليوم واليومين: فلا بأس به" انتهى.

2-بيع المرابحة:

ويتم بوعد الزبون بشراء الجهاز الذي يريده، فإذا اشتريتم الجهاز، وتم قبضه وحيازته لكم، جاز بيعه بالتقسيط أو بالثمن الحال.

ولا يجوز أن يؤخذ من العميل مال في مرحلة الوعد، بل تشترون الجهاز من مالكم، حالا أو مؤجلا.

وينظر: جواب السؤال رقم:(229091). 

3-الوكالة بأجرة

وذلك بأن يتم إعلام العميل بالجهاز ومواصفاته وثمنه الحقيقي الذي يباع به-دون زيادة-، ثم تتولوا شراءه له، مقابل نسبة من ثمنه، أو مقابل أجرة مقطوعة.

والمرجح عندنا جواز أن تكون الأجرة نسبة من شيء معلوم كثمن السلعة، سواء استؤجر الإنسان على الشراء أو على البيع.

وفي "كشاف القناع" (3/ 615) فيما يجوز تشبيها بالمساقاة والمزارعة: " وبيع متاعه بجزء مشاع من ربحه" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 125): " أنا صاحب مكتب تجاري، شغلتي هي أننى وكيل ووسيط لبعض الشركات في الخارج المصنعة للملابس الجاهزة، والمواد الغذائية، هذه الشركات تقوم بإرسال عينات ما تصنعه، مع الأسعار، لكل صنف، أقوم بعرض هذه البضاعة للتجار في الأسواق وبيعها لهم بسعر الشركة، مقابل عمولة من الشركة المصنعة حسب الاتفاق معها على نسبة العمولة، فهل علي إثم في ذلك أو يلحقني أي شيء من الإثم في ذلك؟ أرجو إفادتنا مع الشكر.

الجواب:

إذا كان الواقع كما ذكر؛ جاز لك أخذ تلك العمولة، ولا إثم عليك.

عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى.

والحاصل أن بيع الإنسان ما لا يملك محرم، ويستثنى منه: الاستصناع والسلم بشروطه.

وتجوز المرابحة والوكالة بأجرة.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب