الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل يلزم المرأة التحلل من زوجها وأولادها إذا طلبت الطلاق دون ضرر؟

346351

تاريخ النشر : 06-01-2022

المشاهدات : 6874

السؤال

في الحديث الشريف: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة) صححه الألباني في "صحيح أبي داود"، هل يشمل ذلك الزوجة قبل الدخول، علما بأن إصرارها على الطلاق دون بأس أو مبرر أو إساءة لها، والزوج لم يكن موافقا على الطلاق؟ وماذا تفعل المرأة إذا أرادت التوبة بعد وقوع الطلاق بسبب إصراراها الشديد على الطلاق دون مبرر وتفكك أسرتها؟ كيف ترجع الحق لأولادها وطليقها إذا كان لهم حق عليها؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الحديث يدل على تحريم سؤال المرأة الطلاق من غير بأس، وهو الشدة والضيق والعذر بصفة عامة، كأن يكون الزوج يسيء إليها، أو أن تبغضه ولا تطيقه لأمر خِلْقي فيه، كدمامة مثلا، وتخشى أن لا تعطيه حقه وألا تقوم بواجبه، فيباح لها طلب الطلاق أو الخلع، كما حصل من زوجة ثابت بن قيس، وكان رضي الله عنه دميما.

روى أحمد (16344) – ط المكنز - عن سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: "كَانَتْ حَبِيبَةُ ابْنَةُ سَهْلٍ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيِّ فَكَرِهَتْهُ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأَرَاهُ؛ فَلَوْلَا مَخَافَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَبَزَقْتُ فِي وَجْهِهِ..". والحديث حسنه محققو المسند.

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " ما هو توجيه سماحتكم للمرأة التي دائمًا تطلب الطلاق من زوجها، ما نصيحتكم، ولأمثالها، جزاكم الله خيرًا؟

فاجاب: إن كانت مظلومة، قد ظلمها زوجها وتعدّى عليها، فهي معذورة.

أما إن كانت تطلب الطلاق من غير بأس، فلا يجوز لها ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت الطلاق من غير ما بأس، لم ترح رائحة الجنة .

فكونها تطلب الطلاق من غير علّة شرعيّة، لا يجوز، الواجب عليها الصبر والاحتساب، وعدم طلب الطلاق، أما إذا كانت هناك علة لأنه يضربها ويؤذيها، أو لأنه يتظاهر بفسق وشرب المسكرات، أو لأنه لم تقع في قلبها محبة له، بل تبغضه كثيرًا ولا تستطيع الصبر، فلا بأس، مثلما فعلت زوجة ثابت بن قيس، طلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يفرّق بينها وبينه، فسألها النبي عن ذلك، فقالت: إنها لا تطيقه بغضًا، فقال لها عليه الصلاة والسلام: أتردين عليه حديقته يعني المهر، الحديقة بستان، فقالت: نعم. فأمره أن يقبل الحديقة ويطلقها، والعلة أنها لا تستطيع البقاء معه من أجل بغضها له، والحياة مع البغض لا تستقيم؛ ولهذا يلزمها أن ترد المهر، فإذا ردّت المهر، فعليه أن يطلقها، والله يقول سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا، وهكذا إذا كان يتعاطى السكر، أو معروفًا بالتساهل في الزنى، وتعاطي الفحشاء، هذا لها عذر؛ لأنّ البقاء معه يضرّها" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (22/26).

وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في بيان ما يسوّغ طلب الخلع : " إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها، كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل، والعتاب على أدنى نقص: فلها الخلع .

ثانياً: إذا كرهت خِلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع .

ثالثاً: إذا كان ناقص الدين، بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة أو الفطر في رمضان بدون عذر، أو حضور المحرمات كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها، فلها طلب الخلع.

رابعاً : إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع .

خامساً : إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها لعُنّة ( عيب يمنع القدرة على الوطء) فيه ، أو زهد فيها ، أو صدود إلى غيرها ، أو لم يعدل في المبيت فلها طلب الخلع ، والله أعلم "

وينظر جواب السؤال رقم: (1859) .

ولا فرق في تحريم طلب الطلاق لغير عذر بين أن يكون ذلك قبل الدخول أو بعده، ولكن قد يكون للمرأة عذر لم تصرح به، ككونها لا تطيق الزوج، أو تنفر منه لشيء في خُلقه أو خِلقته.

ثانيا:

إذا كان للمرأة أولاد، وطلبت الطلاق من غير عذر، فقد ارتكبت إثما، فإن ترتب على الطلاق أذى أو ضرر على زوجها أو أولادها، فإن من توبتها أن تتحلل منهم، لما أنزلته بهم من أذى، ما لم تخشَ من التحلل وذكر الأمر أن يترتب عليه مفسدة أكبر كإثارة النفوس، وتجديد الحزن ونحو ذلك، فإنها تكتفي بالتوبة فيما بينها وبين الله، وإن أمكنها أن تعود إلى زوجها وأولادها، فهذا أكمل وأنفع، كما قال تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة/39.

قال السعدي في تفسيره: " فيغفر لمن تاب فترك الذنوب، وأصلح الأعمال والعيوب" انتهى.

نسأل الله أن يصلح أحوال الجميع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب