الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم مطالعة أخبار فضائح المشاهير؟

السؤال

ما حكم الدخول لقراءة الأخبار التي تنشر فضيحة شخص ما، دون قيام القارئ بنشرها؟ وهل من تتبع العورات إذا بحث القارئ عن الأمر بنفسه في مواقع التواصل لمعرفة التفاصيل؟

الجواب

الحمد لله.

من الفساد الإعلامي الذي خطه الغرب، أنهم جعلوا من ضمن وظائف العمل الإعلامي تتبع الحياة الشخصية للمشهورين من الناس والتجسس عليهم، بحجة أن من حق الجماهير أن تتطلع على خفايا حياتهم ماداموا قد اشتهروا.

وقد قلدهم في هذا الفساد طوائف من الإعلاميين في مجتمعاتنا المسلمة، ثم انتقل هذا المنكر إلى مواقع التواصل الاجتماعي، ولم يكتفوا بالتجسس، بل زاد الشر، بأن أصبح بعضهم يلفق ويدلس المواد المصورة والمرئية لأي شخص يبغضه ويعاديه.

فعلى المسلم أن يحتاط لدينه، ويتجنب مطالعة هذه المواضيع؛ لأنها:

إما أن تكون عمن لا تحل غيبته، فمطالعة ما ينشر عنه من فضائح هو نوع من الرضا بهذه الغيبة، وهذا لا يجوز.

عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ، عَنِ الْعُرْسِ ابْنِ عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الْأَرْضِ، كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا - وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا - كَانَ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا، كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا رواه أبو داود(4345)، وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

والواجب على المسلم أن ينكر المنكر ولو بقلبه، وتتبع الفضائح والبحث عن تفاصيلها مخالف لإنكار القلب، بل على المسلم أن يهجر هذه المواضيع التي تهتك ستر الناس.

وأما إن كان الموضوع عن شخص تجوز غيبته لمجاهرته بالمعاصي وافتخاره بها، فعلى المسلم أيضا أن يجتنب مطالعة هذه المواضيع، لما في ذلك من المفاسد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وهذا أصل مستمر في أصول الشريعة كما قد بسطناه في قاعدة سد الذرائع وغيرها ، وبيّنا أن كل فعل أفضى إلى المحرم كثيرا كان سببا للشر والفساد ، فإذا لم يكن فيه مصلحة راجحة شرعية ، وكانت مفسدته راجحة، نهي عنه، بل كل سبب يفضي إلى الفساد نهي عنه إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة ، فكيف بما كثر إفضاؤه إلى الفساد " انتهى من"الفتاوى الكبرى" (4/ 465).

ومواضيع الفضائح تحتوي على مفاسد ظاهرة:

الأولى: أن من شأنها تهوين الشر والفساد، وإشاعة أخباره، وإذاعة أمره بين الناس، حتى يألفوا وقوعه شيئا فشيئا، ويخف في النفس إنكاره، واستشناع أمره؛ هذا إذا لم تتسل النفس بخبره، وتمل إلى تتبعه واستقصائه!!

الثانية: أنه يختلط فيها الحق بالباطل.

عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوْ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِي مَسْعُودٍ: " مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فِي زَعَمُوا؟

قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا رواه أبو داود (4972) وقَالَ: " أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا: حُذَيْفَةُ "، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2 / 522).

وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ رواه البخاري(2408)، ومسلم(593).

الثالثة: أن غيبة من تجوز غيبته تكون مشروعة إذا كانت بقصد صالح.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

" قال العلماء : تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعا؛ حيث يتعين طريقا إلى الوصول إليه " انتهى من"فتح الباري"(10/472).

وأما إذا خلت من القصد الصالح، فلا تشرع، كحال مروجي الفضائح؛ لأنها في هذه الحال تفسد ولا تصلح .

قال الصنعاني رحمه الله تعالى:

"والأكثر يقولون بأنه يجوز أن يقال للفاسق: يا فاسق، ويا مفسد، وكذا في غيبته بشرط قصد النصيحة له أو لغيره لبيان حاله، أو للزجر عن صنيعه، لا لقصد الوقيعة فيه فلا بد من قصد صحيح " انتهى من"سبل السلام" (8/294).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب