الحمد لله.
أولا:
حكم فسخ عقد الإجارة للأعذار الطارئة
توصيل الطلاب إلى المدارس يندرج تحت عقد الإجارة، وهو عقد لازم لا يفسخ إلا برضى الطرفين، لكن إذا تعذر الوفاء بالعقد المتفق عليه لعذر طارئ كالحظر بسبب المرض ونحو ذلك، فإنه يفسخ بطلب أحد المتعاقدين، ويسمى هذا: فسخ الإجارة للأعذار الطارئة.
وفي حال الفسخ، يستحق العامل من الأجرة بنسبة ما تحقق من العمل.
وعليه؛ فإن أوصلت الطلاب إلى مدارسهم نصف المدة، كان لك نصف الأجرة، وإن أوصلتهم ثلث المدة، لم يكن لك إلا ثلث الأجرة، ما لم يتبرع الطالب أو ولي أمره بأكثر من ذلك.
فقولك: " قررت أخذ نصف قيمة العام من الناس": يصح إذا أوصلت الطلاب نصف المدة.
وأما إذا كان توصيلك أقل من نص المدة، فبأي وجه تستحق أكثر من أجرة ما عملته بالفعل؟!
ثانيا:
كيفية رد مبلغ الأجرة في حالة الفسخ
لم يتبين من سؤالك هل الأجرة المتفق عليها كانت بالدولار أم بالليرة اللبنانية؟
فإن كانت بالدولار، فإنك ترد له نصف ما دفع، أي ترد 500 دولار. هذا هو الواجب، ولكما الاتفاق في يوم السداد على السداد بالليرة بسعر يوم السداد.
وإن كانت الأجرة بالليرة، فإنك ترد نصف الليرات المتفق عليها، سواء دفع لك بالليرة أو بالدولار.
فالعبرة ليست بما دفع، بل بالأجرة المتفق عليها، فقد يتفقان على أن أجرة التوصيل كذا من الليرة، ثم يدفع المستأجر بعملة أخرى كالدولار، فعند الفسخ يلزم رد الليرة، لا الدولار.
فالأصل: أنه عند فسخ البيع، أو الإجارة، ولزوم رد الثمن أو الأجرة، أو شيء منهما: أن يُردّ بنفس العملة التي عقد بها البيع أو الإجارة، "لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرِدُ عَلَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ" انتهى من "العناية شرح الهداية" (6/ 505) للبابرتي الحنفي.
قال ابن الهمام رحمه الله: "ولو كان الثمن عشرة دنانير، ودفع إليه الدراهم عوضا عن الدنانير، ثم تقايلا وقد رخصت الدراهم: رجع بالدنانير التي وقع العقد عليها، لا بما دفع. وكذا لو رد بالعيب، وكذا في الإجارة لو فسخت.
ولو عقد بدراهم ثم كسدت، ثم تقايلا: فإنه يرد تلك الدراهم الكاسدة" انتهى من "فتح القدير" (6/ 493).
فالعبرة بما تم عليه العقد، فترد نصفه، حينما يكون اللازم عليك هو رد النصف، على ما سبق بيانه.
وحاصل مسألتك:
1-إن كنتما تعاقدتما بالليرة لكنه دفع بالدولار، فإنك ترد نصف الليرات، 800000 ليرة.
2-وإن كنتما تعاقدتما على أن الأجرة بالدولار، وقد دفع بالدولار، فإنك ترد نصف الدولارات.
لكن نظرا لانخفاض العملة أكثر من الثلث، فإنه ينبغي عليكما الصلح، بأن تتقاسما الضرر معا، كما بينا في جواب السؤال رقم : (246311).
وعليه فتدفع له 800000 و نصف فرق انهيار العملة وهو 1662500 فالمجموع هو 2462500
مع التنبيه على أنه في حالة الصلح هذه ، يلزم أن تدفع ما عليك بعملة مغايرة لما أخذت، بعداً عن صورة الربا.
وهذا التصالح ، وتحمل كل طرف منكم شيئا من الخسارة، هو مقتضى العدل؛ لأن تحميل فرق انهيار العملة لطرف واحد، فيه نوع من الإجحاف والإضرار بماله، وهو لا حيلة له فيما وقع من هذا الانهيار العملة، والتكافل والتعاون والمشاركة في تحمل الخسارة بنفس راضية محتسبة الثواب عند الله تعالى: عمل صالح، يرجى من الله تعالى أن يعوض صاحبه خيرا في الدنيا والآخرة، وأن يرد عليه أكثر مما ضاع منه من الأموال .
والله أعلم.
تعليق