الحمد لله.
أولًا:
التعريف بالشيخ جمال الدين القاسمي
(جمال الدين القاسمي) هو: جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم القاسمي.
إمام أهل الشام، في زمانه، في علوم الدين وفنون الأدب.
ولد في دمشق. اشتغل بإلقاء الدروس العامة في المدن والقرى السورية لمدة أربع سنوات (1308 - 1312 هـ). ثم رحل إلى مصر، وزار المدينة المنورة.
ولما عاد شنع عليه خصومه بأنه يذهب في الدين مذهبًا جديدًا سموه "المذهب الجمالي". فقبض عليه (سنة 1313 هـ) وحقق معه، فرد التهمة، فأخلي سبيله، واعتذر إليه والي دمشق.
فعكف في بيته على التصنيف وإلقاء الدروس الخاصة والعامة، في التفسير والتوحيد والحديث والأخلاق والتاريخ والأدب وغير ذلك من علوم الشريعة الإسلامية".
خلف آثارًا قيمة، منها "محاسن التأويل" في تفسير القرآن الكريم، في 17 مجلدا، حققه محمد فؤاد عبد الباقي، ونشرته دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة منذ زمن، ثم طبع بعد ذلك طبعات عديدة.
كتب ولده الأستاذ ظافر القاسمي: "عرف عن القاسمي أنه كان عف اللسان والقلم، لم يتعرض بالأذى لأحدٍ من خصومه، سواء أكان ذلك في دروسه الخاصة أو العامة، أو في مجالسه وندواته، وكانت له طريقته في مناقشة خصومه، لم يعرف أهدأ منها، ولا أجمل من صبره، وكثيرًا ما قصده بعض المتقحمين في داره، لا مستفيدًا، ولا مستوضحًا، ولا مناقشًا، بل محرجًا، فكان يستقبلهم بصدره الواسع، وعلمه العميق، فلا يخرج المقتحم من داره إلا وقد أفحم وامتلأ إعجابًا وتقديرًا".
انظر في ترجمته:
"معجم المفسرين" عادل نويهض: (1/ 127 - 128)، "جمال الدين القاسمي وعصره"، للأستاذ ظافر القاسمي.
ثانيًا:
طريقة القاسمي في تفسيره
يقول الأستاذ الدكتور عبدالرحمن الشهري عن تفسير القاسمي: "والحق أن القاسمي قرأ كثيرًا في كتب السابقين، ونقل الكثير في تفسيره، حتى إن كثيرًا من الآيات جاء شرحها معزوًا إلى غيره - وتلك أمانة - دون أن يشترك بتعقيب كاشف، ولكنه تمتع بميزة حسنة، هي البعد عن مسائل النحو والبلاغة، ونظريات الفلسفة والمنطق، مما نجده لدى أمثال الزمخشري والفخر الرازي، وصحيح أن أي تفسير لا يمكن أن يستغني عن شذور من مسائل النحو والبلاغة والمنطق، إذا أعوز المقام تلك الشذور، وقد جاء القاسمي بها في مناسبتها الملحَّة...
وقد افتتح التفسير بمقدمة حافلة، تتحدث في إسهاب عن أمور جوهرية تتعلق بعلم التفسير، إذ تتضمن الحديث عن معرفة أسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، وقصص الأنبياء، وشيوع الإسرائيليات بها، وجريان القرآن على اللسان العربي، ومعنى التفسير الباطن والتفسير الظاهر، وأيهما أصح وأسلم، والسنة المطهرة ومنزلتها من تفسير القرآن، والمكي والمدني في كتاب الله، والاعتدال في التفسير بالمأثور والرأي، وأسرار التكرار في القرآن، والأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ومسائل أخرى غاية في الأهمية.
وهي مقدمة جديرة بالدراسة والفهم"، انتهى من مقال له بملتقى أهل التفسير.
ثالثًا:
الثناء على الشيخ جمال الدين القاسمي
ظهر القاسمي في فترة مضطربة من حياة الأمة الإسلامية، كانت تعاني فيها من تسلط خارجي، وضعف داخلي، وقد وقعت معظم بلاد الإسلام - ومنها الشام - فريسة للاحتلال الصليبي؛ فكان من الطبيعي أن يضعف الاهتمام بالعلم والعلماء لانشغال الناس بما وقع ونزل ببلادهم، لذلك كان الثناء على علماء الزمان قليلا ونادرًا، ولكن لا يمنع ذلك من ثناء الناس على الإمام القاسمي، ومن ذلك:
قال عنه أمير البيان شكيب أرسلان: "وإني لأوصي جميع الناشئة الإسلامية التي تريد أن تفهم الشرع فهمًا ترتاح إليه ضمائرها، وتنعقد عليه خناصرها، ألاَّ تقدم شيئًا على قراءة تصانيف المرحوم الشيخ جمال القاسمي".
وقال رشيد رضا: "هو علامة الشام، ونادرة الأيام، والمجدد لعلوم الإسلام، محيي السنة بالعلم والعمل، والتعليم والتهذيب والتأليف، وأحد حلقات الاتصال بين هدي السلف، والارتقاء المدني الذي يقتضيه الزمن".
والحاصل:
أن العلامة الشيخ محمد جمال الدين القاسمي، أحد أكابر أهل العلم، وأعلامه في زمانه، ومصنفاته: نافعة مفيدة محررة، وأشهرها بعد تفسيره النافع: كتاب: قواعد التحديث، وكتاب: إصلاح المساجد من البدع والعوائد، وغيرها كثير، وعامتها مطبوع متداول.
وينظر للاستزادة عن الشيخ القاسمي هذين المقالين: (تحرير في سلفية جمال الدين القاسمي) و (الإمام جمال الدين القاسمي).
والله أعلم.
تعليق