الأربعاء 24 جمادى الآخرة 1446 - 25 ديسمبر 2024
العربية

منهج الإمام مسلم في الاعتناء بألفاظ الحديث

349030

تاريخ النشر : 07-11-2021

المشاهدات : 6862

السؤال

ما هو مذهب الإمام مسلم في الرواية بالمعنى وما سببه؟

الحمد لله.

حرص الإمام مسلم على ضبط ألفاظ الحديث

من منهج الإمام مسلم في كتابه "الصحيح" الحرص على ضبط ألفاظ الحديث، وعدم الاكتفاء بالمعنى، ويجمع الحديث الواحد برواياته وأسانيده المتعددة في موضع واحد، مما يسهل الفائدة للمطالع والدارس، ومما ساعده على هذا أنه صنّف "الصحيح" وهو مقيم في بلده بين كتبه، متمكّن من الرجوع إليها والتدقيق في مرواياته.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"وما فضّله - يعني صحيح مسلم - به بعض المغاربة ليس راجعا إلى الأصحية، بل هو لأمور:...

والثاني: أن البخاري كان يرى جواز الرواية بالمعنى، وجواز تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره، بخلاف مسلم. والسبب في ذلك أمران:

أحدهما: أن البخاري صنف كتابه في طول رحلته، فقد روينا عنه أنه قال: رب حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر، ورب حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخرسان؛ فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه، فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل بتصرف فيه ويسوقه بمعناه. ومسلم صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة كثير من مشايخه، فكان يتحرز في الألفاظ ويتحرى في السياق.

الثاني: أن البخاري استنبط فقه كتابه من أحاديثه، فاحتاج أن يقطع المتن الواحد إذا اشتمل على عدة أحكام ليورد كل قطعة منه في الباب الذي يستدل به على ذلك الحكم الذي استنبط منه، لأنه لو ساقه في المواضع كلها برمّته لطال الكتاب.

ومسلم لم يعتمد ذلك، بل يسوق أحاديث الباب كلها سردا، عاطفا بعضها على بعض في موضع واحد، ولو كان المتن مشتملا على عدة أحكام، فإنه يذكره في أمس المواضع وأكثرها دخلا فيه، ويسوق المتون تامة محررة، فلهذا ترى كثيرا ممن صنف في الأحكام بحذف الأسانيد من المغاربة، إنما يعتمدون على كتاب مسلم في نقل المتون، هذا ما يتعلق بالمغاربة ولا يحفظ عن أحد منهم أنه صرح بأن صحيح مسلم أصح من صحيح البخاري فيما يرجع إلى نفس الصحة." انتهى من "النكت" (1 / 282 - 283).

وقال النووي رحمه الله تعالى:

"وقد انفرد مسلم بفائدة حسنة، وهي كونه أسهل متناولا من حيث إنه جعل لكل حديث موضعا واحدا يليق به، جمع فيه طرقه التي ارتضاها واختار ذكرها، وأورد فيه أسانيده المتعددة وألفاظه المختلفة، فيسهل على الطالب النظر في وجوهه واستثمارها، ويحصل له الثقة بجميع ما أورده مسلم من طرقه، بخلاف البخاري فانه يذكر تلك الوجوه المختلفة في أبواب متفرقة متباعدة، وكثير منها يذكره في غير بابه الذي يسبق إلى الفهم أنه أولى به، وذلك لدقيقة يفهمها البخاري منه... " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (1 / 14 - 15).

ولا يعني من تصرف الإمام مسلم هذا أنه يعرض عن المرويات التي يرويها من يرى جواز الرواية بالمعنى.

قال الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله تعالى:

"الذين قالوا لا تجوز – الرواية بالمعنى- إنما غرضهم ما ينبغي أن يعمل به في عهدهم وبعدهم؛ فأما ما قد مضى فلا كلام فيه، لا يطعن في متقدم بأنه كان يروى بالمعنى، ولا في روايته." انتهى من "الأنوار الكاشفة" (ص 82).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب