الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

نذر أن يذبح خروفا، فذبح له الجزار شاة بدل الخروف

349168

تاريخ النشر : 23-11-2022

المشاهدات : 4680

السؤال

ماهو رأي الشرع في أحدهم نذر أن يذبح خروفاً ذكر وحين اتفق مع الجزار لقي الجزار ذبح أنثى وهي حامل ؟ فماذا يفعل هذا الرجل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا اتفقت مع الجزار على ذبح "خروف ذكر" فذبح أنثى بدون علمك، فلا يلزمك قبول ما فعله، ولك الخيار:

إما أن ترد إليه الشاة التي ذبحها، وتلزمه بذبح خروف ذكر كما تم الاتفاق عليه، أو يرد إليك الثمن الذي دفعته إليه.

وإما أن ترضى بما فعل وتأخذ الشاة.

والاصل في هذا حديث: الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ رواه أبو داود (3594)، وصححه الألباني في "ارواء الغليل" (5 / 142).

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ صِفَةً مَقْصُودَةً مِمَّا لَا يُعَدُّ فَقْدُهُ عَيْبًا: صَحَّ اشْتِرَاطُهُ، وَصَارَتْ مُسْتَحَقَّةً، يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ عِنْدَ عَدَمِهَا...

فَمَتَى بَانَ خِلَافَ مَا اشْتَرَطَهُ، فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ، وَالرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ، أَوْ الرِّضَا بِهِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ.

لَا نَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِي هَذَا خِلَافًا ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ، فَصَارَ بِالشَّرْطِ مُسْتَحِقًّا ". انتهى،  "المغني" (6/238).

ثانيا:

من نذر ذبح خروف من الضأن ثم ذبح مكانه شاةً من الغنم:

1-فإن كانت هذه الشاة أفضل من الخروف، بأن كانت أكثر لحمًا أو أغلى ثمنًا، فإنها تجزئ عنه، لأن "المقصود من الهدايا: اللحم، ولحم الذكر والأنثى سواء"، كما قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (4/ 371).

ويكون هذا من باب إبدال المنذور بما هو أفضل منه، وغلاء الثمن أو كثرة اللحم له أثر في التفضيل.

عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: أَعْلاَهَا ثَمَنًا، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا  رواه البخاري (2518) ومسلم (84).

وقال الإمام الشافعي: "وإذا نذر أن يهدي بدنة، لم يجزه منها إلا ثني من الإبل أو ثنية، وسواء في ذلك الذكر والأنثى والخصي، وأكثرها ثمنا أحبها إلي". الأم (3/ 666)

وقد نص جمع من أهل العلم على جواز إبدال المنذور بما هو أفضل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: " فقد ثبت أن إبدال الواجب بخير منه جائز، بل يستحب فيما وجب بإيجاب الشرع وبإيجاب العبد" انتهى. "مجموع الفتاوى" (31 / 249).

وسُئل عن رجل نذر أنه يصوم الاثنين والخميس، ثم بدا له أن يصوم يوما؛ ويفطر يوما. ولم يرتب ذلك إلا بأن يصوم أربعة أيام. ويفطر ثلاثة أو يفطر أربعة ويصوم ثلاثة: فأيها أفضل؟ أفتونا يرحمكم الله؟

فأجاب:

"الحمد لله، إذا انتقل من صوم الاثنين والخميس إلى صوم يوم وفطر يوم، فقد انتقل إلى ما هو أفضل، وفيه نزاع، والأظهر أن ذلك جائز، كما لو نذر الصلاة في المسجد المفضول وصلى في الأفضل، مثل أن ينذر الصلاة في المسجد الأقصى فيصلي في مسجد أحد الحرمين، والله أعلم" انتهى. "مجموع الفتاوى" (25 /289).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: " إذا نذر شيئا فله أن ينتقل إلى ما هو خير منه: لو نذر أن يصلى في المسجد النبوي فله أن يصلى بدلا من ذلك في المسجد الحرام؛ لأنه ثبت أن رجلا قال يوم الفتح للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلى في بيت المقدس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلِّ ها هنا)، فأعاد عليه الرجل مرتين، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: (شأنك إذاً) فهذا دليل على أنه إذا نذر شيئا وفعل ما هو خير منه من جنسه فإنه يكون جائزا وموفيا بنذره " انتهى. "فتاوى نور على الدرب" (11 / 531).

وينظر جواب السؤال (21350).

2-وأما إن كانت هذه الشاة ليست بأفضل من الخروف من حيث الثمن أو اللحم، بل مساوية له أو أقل منه: فلا تجزئ عنه، وخاصة أن جنس الذكر في الضأن أفضل، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (161393).

ثالثا:

أما بخصوص مسألتك، فالذي يظهر أنه يلزمك أن تذبح خروفا آخر، سواء أجزت ما فعل الجزار أو لم تجزه، وذلك لأن الشاة التي ذبحها الجزار كانت حاملا، والشاة الحامل ليست بأفضل من الخروف الضأن؛ بل ولا مساوية له.

بل ذهب الشافعية إلى عدم إجزاء الأضحية بالشاة الحامل؛ لما في ذلك من نقص من لحمها وتأثير على جودته.

قال النووي: "إنما لا تجزئ الحامل في الأضحية؛ لأن المقصود من الأضحية اللحم، والحمل يُهزلها، ويقل بسببه لحمها فلا تجزئ". انتهى من "المجموع شرح المهذب" (5/ 428)

وقال الرملي: "لحم الحامل رديء". انتهى من "أسنى المطالب" (1/ 536).

وفي حاشية البجيرمي على الخطيب (4/ 335): "الحمل يفسد الجوف ويُصيِّر اللحم رديئا".

وإن خالف الجمهور الشافعية في مسألة إجزاء الاضحية بالحامل كما سبق بيانه في جواب السؤال (192041)، إلا أن هذا لا يبطل أصل القول بأن الشاة الحامل أقل من غيرها من حيث كمية اللحم وجودته، لاسيما وكثير من الناس يأنف من أكل الشاة الحامل، ويرون أن الحمل يؤثر في طعمها.

ولذا: فما فعله الجزار لا يجزئ عن نذرك، وعليك أن تذبح خروفا مكانه، وفاءً بنذرك.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب