الحمد لله.
أولا:
حكم أكل التمساح
أما التمساح فقد اختلف الفقهاء في أكله؛ فذهب الجمهور إلى تحريم أكله، وذهب المالكية إلى الجواز، وهو رواية عن أحمد رحمه الله.
وحجة من حرمه أن له نابا يفترس به، وحجة من أباحه دخوله في عموم قوله تعالى: ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ) المائدة/96، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) رواه الترمذي (69) والنسائي (332) وأبو داود (83) وابن ماجه (386) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
وقد سبق بيان الخلاف في ذلك، في جواب السؤال رقم: (حكم أكل التمساح)، وينظر أيضا للفائدة : جواب السؤال رقم: (127963).
ثانيا:
حكم أكل الفيل
وأما الفيل، فهو من ذوات الأنياب، ويرى أهل العلم أن فيه قوة سبعية.
وعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ" رواه البخاري (5530)، ومسلم (1932).
فالسباع ذوات الأنياب محرمة.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" كل ذي ناب من السباع، فالتحقيق تحريمه؛ لما قدمنا من حديث أبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني من النهي عنها، وتحريمها، أما حديث أبي ثعلبة فمتفق عليه، وأما حديث أبي هريرة فقد أخرجه مسلم في "صحيحه" عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: ( كل ذي ناب من السباع، فأكله حرام ).
والأحاديث في الباب كثيرة، وبه تعلم أن التحقيق: هو تحريم أكل كل ذي ناب من السباع...
والأصل في النهي التحريم، وبتحريم ذي الناب من السباع، وذي المخلب من الطير، قال جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة وداود.
وقد قدمنا أنه الصحيح عن مالك في السباع، وأن مشهور مذهبه الكراهة، وعنه قول بالجواز وهو أضعفها، والحق التحريم لما ذكرنا " انتهى من"أضواء البيان" (2/309).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" له ناب يفترس به، وليس بشرط أن يفترس الرجال، أو يفترس المواشي، فقد تفترس الأشياء الصغيرة " انتهى من"الشرح الممتع"(15/19).
ومن ثم ألحق أهل العلم الفيل بذوات الأنياب التي يحرم أكلها.
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:
" والفيل محرم. قال أحمد: ليس هو من أطعمة المسلمين. وقال الحسن: هو مِسْخ. وكرهه أبو حنيفة، والشافعي. ورخص في أكله الشعبي.
ولنا: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع. وهو من أعظمها نابا، ولأنه مستخبث، فيدخل في عموم الآية المحرمة " انتهى من"المغني" (13/321).
وقال النووي رحمه الله تعالى:
" الفيل: وهو حرام عندنا وعند أبي حنيفة والكوفيين والحسن.
وأباحه الشعبي وابن شهاب ومالك في رواية.
حجة الأولين أنه ذو ناب..." انتهى من"المجموع" (9/17).
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى:
" ومن ذلك الفيل: فالظاهر فيه أنه من ذوات الناب من السباع، وقد قدمنا أن التحقيق فيها التحريم؛ لثبوته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مذهب الجمهور.
وممن صححه من المالكية: ابن عبد البر، والقرطبي..." انتهى من "أضواء البيان" (2/ 313– 315).
ثالثاً:
حكم أكل فرس النهر
وأما فرس النهر، فيسمى عند الأقدمين أيضا بـ "فرس البحر"، و بـ "فرس الماء".
وقد نص أهل العلم على إباحة أكله؛ إما بذكاة، كحيوان البر الذي يحتاج إلى ذكاة، وعدم اعتبار أنيابه في تحريم أكله ؛ لأنها ليست بأنياب سبع مفترس، ولا دليل على تحريم أكله ؛ فهو على أصل الإباحة.
وينظر بيان ذلك مفصلاً في جواب السؤال رقم: (397246).
رابعاً:
حكم أكل النمل
وأما النمل فينهى عن أكله؛ لأنه ورد النهي عن قتله.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ ).
رواه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 192)، وأبو داود (5267)، وصحح إسناده محققو المسند، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (3/293).
قال الخطابي رحمه الله تعالى:
" فكل منهي عن قتله من الحيوان؛ فإنما هو لأحد أمرين: إما لحرمته في نفسه كالآدمي، وإما لتحريم لحمه، كالصُّرَد والهدهد ونحوهما... " انتهى من "معالم السنن"(4/222).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" هذه أربع من الدواب نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها، والنهي عن قتلها يتضمن النهي عن أكلها؛ لأنها لا تؤكل إلا بعد أن تذبح أو تقتل، فيكون النهي عن القتل مستلزما للنهي عن الأكل، والنتيجة أنها تكون حراما" انتهى من"شرح بلوغ المرام" (6/13).
وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (21901).
والله أعلم.
تعليق