الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

شك في عدد الركعات، فاستمر في صلاته ولم يلتفت إلى هذا الشك!

351832

تاريخ النشر : 22-01-2024

المشاهدات : 8856

السؤال

كنت أقوم بقضاء صلاة العصر، لم أكن متأكدة مما إذا كنت في الركعة الثالثة أو الرابعة، لذلك تجنّبت التفكير، وصلّيت تلك الركعة التي فكّرت فيها، ثم سجدت سجود السهو، لكن الآن علمت أنّ عليّ أن أصلّي ركعة إضافية، ثم ينبغي أن أقوم بسجود السهو، فهل يجب عليّ قضاء صلاتي ثانية؟

الجواب

الحمد لله.

إذا شك المصلي في صلاته: فإما أن يغلب على ظنه أحد الاحتمالين ، وإما أن يتساوى الاحتمالان .

فإن ترجح عنده أحد الاحتمالين ، بنى على الاحتمال الراجح ، وأتم صلاته ، وسجد للسهو بعد السلام.

ويدل لذلك: ما رواه البخاري (401) عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ .

وإن لم يترجح عنده أحد الاحتمالين: فإنه يعمل باليقين وهو الأقل، فيبني عليه ، ويتم صلاته، ويسجد للسهو قبل السلام.

ويدل لذلك حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى؟ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ، كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ رواه مسلم (571).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا، فإنه لا يحل له أن يخرج من صلاته بهذا الشك إذا كانت فرضا؛ لأن قطع الفرض لا يجوز، وعليه أن يفعل ما جاءت به السنة، والسنة جاءت أنه إذا شك الإنسان في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا، فلا يخلو من حالين:

إحداهما: أن يشك شكا متساويا، بمعنى أنه لايترجح عنده الثلاث أو الأربع، وفي هذه الحال يبني على الأقل. فيبني على أنها ثلاث، ويأتي بالرابعة، ويسجد للسهو قبل أن يسلم.

الحال الثانية: أن يشك شكا بين طرفيه رجحان على الآخر؛ بمعنى أن يشك هل صلى ثلاثا أم أربعا، ولكنه يترجح عنده أنه صلى أربعا، ففي هذه الحال يبني على الأربع، ويسلم ويسجد للسهو بعد السلام.

هكذا جاءت السنة بالتفريق بين الحالين في الشك" انتهى (14/61) .

فإن كنت بنيت على ما غلب على ظنك – وهذا هو الظاهر- فالصلاة صحيحة .

وأولى من ذلك: أن يكون الشك مجرد عارض طرأ، أو وسواس، فهذا لا يلتفت إليه، ولا يسجد للسهو منه؛ خاصة إذا كان طروؤه بعد انقضاء العبادة، أو كان صاحبه كثير الشك، موسوِسا.

وأما إن كنت بنيت على الاحتمال الأضعف –وهو خلاف الظاهر – أو كان الشك متساويا ، وبنيت على الأكثر في عدد الركعات: فالصلاة غير صحيحة ، ولكن هل يلزم إعادتها أم يعذر الإنسان بالجهل ؟

ذهب أكثر العلماء إلى وجوب إعادتها ، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها تسقط، ويعذر الإنسان بجهله ، إلا إذا علم الحكم قبل خروج وقت الصلاة ، فإنه يعيدها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" وما ترك لجهله بالواجب، مثل من كان يصلي بلا طمأنينة، ولا يعلم أنها واجبة، فهذا قد اختلفوا فيه: هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا؟ على قولين معروفين. وهما قولان في مذهب أحمد وغيره.

والصحيح: أن مثل هذا لا إعادة عليه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته: ( اذهب فصل فإنك لم تصل - مرتين أو ثلاثا - فقال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا: فعلمني ما يجزيني في صلاتي ).

فعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة، ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت؛ مع قوله: ( والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا )، ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة؛ لأن وقتها باق، فهو مأمور بها أن يصليها في وقتها.

وأما ما خرج وقته من الصلاة فلم يأمره بإعادته، مع كونه قد ترك بعض واجباته؛ لأنه لم يكن يعرف وجوب ذلك عليه.

وكذلك لم يأمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يقضي ما تركه من الصلاة لأجل الجنابة؛ لأنه لم يكن يعرف أنه يجوز الصلاة بالتيمم.

وكذلك المستحاضة قالت له: إني أُستحاض حيضة شديدة منكرة تمنعني الصوم والصلاة؛ فأمرها أن تتوضأ لكل صلاة، ولم يأمرها بقضاء ما تركته.

وكذلك الذين أكلوا في رمضان حتى تبين لأحدهم الحبال البيض من الحبال السود، أكلوا بعد طلوع الفجر ولم يأمرهم بالإعادة، فهؤلاء كانوا جهالا بالوجوب، فلم يأمرهم بقضاء ما تركوه في حال الجهل، كما لا يؤمر الكافر بقضاء ما تركه في حال كفره وجاهليته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 429 – 431).

والأحوط لك: أن تعيدي تلك الصلاة التي صليتِها على ما طرأ عليك من الشك، لأن صلاة واحدة، ونحوها: مما لا يشق إعادته، وتكونين قد استبرأت لذمتك.

والله أعلم.


 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب