الجمعة 19 جمادى الآخرة 1446 - 20 ديسمبر 2024
العربية

أخذ نصيبها من الميراث دون رضاها فهل تأخذ من ماله دون علمه؟

السؤال

إذا أخذ شخص مني مالا بغير طيب نفس مني، وأنا بحاجة لهذا المال، وهذا المال نصيبي في الميراث، فهل يجوز لي أخذ هذا المال دون علمه؟ وإذا أخذته بالفعل فهل أنا آثمة؟

ملخص الجواب

من كان له مال عند غيره، ولم يستطع أخذه بوسيلة مشروعة كالتراضي، أو توسيط من يأتي له بمال، أو التقاضي، فإنه إن ظفر بشيء من مال خصمه، أخذ منه قدر حقه، على الراجح من قولي الفقهاء، وتسمى هذه المسألة مسألة الظَّفَر بالحق ، ولكن بشروط ينظر تفصيلها في الجواب المطول. فإن توفرت هذه الشروط، جاز أن تأخذي قدر حقك ممن أخذ مالك بغير طيب نفس منك.

الحمد لله.

مفهوم الظَّفَر بالحق

من كان له مال عند غيره، ولم يستطع أخذه بوسيلة مشروعة كالتراضي، أو توسيط من يأتي له بمال، أو التقاضي، فإنه إن ظفر بشيء من مال خصمه، أخذ منه قدر حقه، على الراجح من قولي الفقهاء، وتسمى هذه المسألة مسألة الظَّفَر بالحق.  

قال العراقي في "طرح التثريب" (8/ 226) في شرح حديث عقبة بن عامر قال: قلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يَقرونا، فما ترى في ذلك؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا، فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم) رواه البخاري (2461):

" (الرابعة) استدل به البخاري رحمه الله على مسألة الظفر، وأن الإنسان إذا كان له على غيره حق، فمنعه إياه وجحده: كان له أن يأخذ ما قدر عليه من ماله، في مقابلة ما منعه من حقه، فبوب عليه: (باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه). وحكى عن ابن سيرين أنه قال: يقاصه، وقرأ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به [النحل: 126].

وبهذا قال الشافعي، فجزم بالأخذ فيما إذا لم يمكن تحصيل الحق بالقاضي، بأن يكون منكِرا ولا بينة لصاحب الحق. قال: ولا يأخذ غير الجنس مع ظفره بالجنس، فإن لم يجد إلا غير الجنس جاز الأخذ.

وإن أمكن تحصيل الحق بالقاضي، بأن كان مقرا مماطلا، أو منكرا عليه بينة، أو كان يرجو إقراره لو حضر عند القاضي وعرض عليه اليمين، فهل يستقل بالأخذ، أو يجب الرفع إلى القاضي؟ فيه للشافعية وجهان أصحهما عند أكثرهم جواز الأخذ.

وقال ابن بطال: اختلف قول مالك في ذلك، فروى ابن القاسم عنه أنه لا يفعل، وروي عنه الأخذ إذا لم يكن فيه زيادة، وروى ابن وهب عنه أنه إذا لم يكن على الجاحد دين فله الأخذ، وإن كان عليه دين فليس له أن يأخذ إلا بقدر ما يكون فيه أسوة بالغرماء.

وقال أبو حنيفة: يأخذ من الذهب الذهب، ومن الفضة الفضة، ومن المكيل المكيل، ومن الموزون الموزون، ولا يأخذ غير ذلك. وقال زفر: له أن يأخذ العوض بالقيمة.

قال ابن بطال: وأولى الأقوال بالصواب: قول من أجاز، بدلالة الآية، وحديث هند، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لها أن تطعم عائلة زوجها من ماله بالمعروف، عوضا عما قصر في إطعامهم، فدخل في معنى ذلك كل من وجب عليه حق لم يوفه، أو جحده؛ فيجوز له الاقتصاص منه " انتهى.

ضوابط جواز الظفر بالحق

وقد سبق في جواب السؤال رقم: (171676) بيان أن الأخذ بمسألة الظفر مقيد بثلاثة أمور، تُعلم من مقاصد الشريعة وقواعدها، ومما قاله أهل العلم:

الأول: ألا يأخذ أكثر من حقه.

الثاني: أن يأمن الفضيحة والعقوبة.

الثالث: ألا يمكنه الوصول إلى حقه عن طريق القضاء، لعدم وجود البينة لديه، أو لسوء إجراءات التقاضي وما يصحبه من كلفة وتأخر.

فإن اختل شرط من هذه الشروط، لم يجز له العمل بمسألة الظفر.

فإن توفرت هذه الشروط، جاز أن تأخذي قدر حقك ممن أخذ مالك بغير طيب نفس منك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب