الأربعاء 22 شوّال 1445 - 1 مايو 2024
العربية

ترغب في الصدقة عن أمها، فهل تخبرها بذلك؛ لادخال السرور عليها؟

353391

تاريخ النشر : 14-02-2024

المشاهدات : 948

السؤال

أرغب في حفر بئر، وجعل ثوابه لأمي، ولكني محتارة هل أخبرها به، وأريها صور البئر، وأجعل اسمها عليه من باب الهدية، وإدخال السرور عليها؟ أم إن الأفضل أن لا أقول لها، وأجعل ثوابه لها، أود أن تفرح ببري لها، ولكن أخاف على نفسي من الرياء، وعدم الإخلاص إن قلتلها؟

ملخص الجواب

إخفاءُ الصدقات هو الأفضل، والأجر في ذلك أعظم. فإن وجدت مصلحة في الإخبار والإعلان جاز ذلك بشرط عدم تطلع المخبر إلى حمد الناس وشكرهم.

الجواب

الحمد لله.

إخفاء المسلم لصدقته أفضل، وإعلانه لها جائز، خاصة إذا أمن الرياء ورأى مصلحة في الإعلان.

قال الله تعالى: ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) البقرة/271.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقوله: ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ) أي: إن أظهرتموها فنعم شيء هي.

وقوله: ( وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) فيه دلالة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء، إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة، من اقتداء الناس به، فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الجاهِرُ بالقرآن كالجاهِرِ بالصدقة، والمُسرُّ بالقرآن كالمُسرِّ بالصدَقَة ).

والأصل أن الإسرار أفضل، لهذه الآية..." انتهى من "تفسير ابن كثير" (1/701).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" من فوائد الآية: الحث على الصدقة، والترغيب فيها سواء أبداها، أو أخفاها.

ومنها: أن إخفاء الصدقة أفضل من إبدائها؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص؛ وأستر للمتصدق عليه؛ لكن إذا كان في إبدائها مصلحة ترجح على إخفائها - مثل أن يكون إبداؤها سبباً لاقتداء الناس بعضهم ببعض، أو يكون في إبدائها دفع ملامة عن المتصدق، أو غير ذلك من المصالح - فإبداؤها أفضل " انتهى من "تفسير الفاتحة والبقرة" (3/358).

فمن يريد أن يخبر بصدقته عليه أن يفتش في نفسه، هل فيها تطلع إلى طلب مدح ممن سيسمعه، فإن كان ذلك كفّ عن الإعلان حفاظا على صدقته، لأن الصدقة النافعة هي ما كانت خالصة لله تعالى ، قال الله تعالى: ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) الإنسان/8 - 10.

وأما إن وجد نفسه لا تتطلع إلى مدح أو حمد من السامع، وإنما يتطلع إلى مصلحة مشروعة من هذا الإخبار بصدقته، فلا حرج في ذلك، كما سبق من قول أهل التفسير في الآية.

وما ذكرت من الرغبة في إدخال السرور على نفس الوالدة، وحصول رضاها، فلا شك أن هذا أمر محمود.

والذي يظهر لنا أن الأفضل لك : أن تجتهدي في إخلاص عملك لله ، وتخبري والدتك بها ، فتكوني بذلك جمعت بين المصلحتين .

وعلى هذا يحمل ما يروى عن بعض الأئمة والسلف من إخبارهم ببعض أعمالهم الخفية.

من ذلك ما رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (2/301) بإسناده عن إبراهيم بن أبي بكر بن عياش، قَالَ: " بكيت عند أبي حين حضرته الوفاة، فقال لي: ما يبكيك؟ أترى الله يضيع لأبيك أربعين سنة يختم فيها القرآن كل ليلة ".

وما رواه أيضا في "تاريخ بغداد" (4/325) بإسناده عن خطاب بن بشر: قال:

" جعلت أسأل أبا عبد الله أحمد بن حنبل فيجيبني، ويلتفت إلى ابن الشافعي فيقول: هذا مما علمنا أبو عبد الله، يعني الشافعي.

قَالَ خطاب: وسمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يذاكر أبا عثمان أمر أبيه، فقال أحمد: يرحم الله أبا عبد الله، ما أصلي صلاة إلا دعوت فيها لخمسة، هو أحدهم ".

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:  (333529)، ورقم: (331219).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب