الحمد لله.
أولا:
لم يتبين من السؤال هل وقف الواقف جميع العقارات، أم وقف الخامس والسادس فقط، وسنجيب على هذا الاحتمال لأنه ورد التصريح بوقف السادس، وسئل عن الخامس هل يوقف بشرط السادس أم لا؟
ومصرف الوقف أو جهة الوقف يُرجع في تعيينها إلى شرط الواقف ونصه، فقد يقف على أولاده أو ذريته أو بطن دون بطن أو يقف على الفقراء أو العلماء أو في الخير، فإن قال: هذا العقار وقف، ولم يحدد جهة الوقف، فقد اختلف فيه هل يصح الوقف أم لا؟ والجمهور على صحته، خلافا للشافعية.
ثم اختلف الجمهور لمن يكون؟
1-فقال الحنفية: إن الغلة يُتصدق بها على الفقراء، فإذا مات الواقف انتقل العقار إلى ورثته ملكا لهم.
2-وقال المالكية: يصرف بحسب العرف الغالب في البلد، فإن لم يكن عرف غالب، فللفقراء.
3-وقال الحنابلة: يصرف إلى ورثة الواقف نسباً- لا ولاء ولا نكاحاً-، على قدر إرثهم من الواقف، ويكون وقفاً عليهم، فلا يملكون نقل الملك في رقبته، فإن عدموا، فهو للفقراء والمساكين وقفاً عليهم. فيعاملونه معاملة الوقف المنقطع الجهة.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/407): "(و) يصرف (ما وقفه وسكت) بأن قال: هذه الدار وقف، ولم يسمّ مصرفا : (إلى ورثته) ؛ لأن مقتضى الوقف التأبيد، فيحمل على مقتضاه.
ولا يضر تركه ذكر مصرفه؛ لأن الإطلاق إذا كان له عرف صح وحُمل عليه. وعُرف المصرف هنا: أولى الجهات به، وورثته أحق الناس ببره. فكأنه عيّنهم ... (نسبا) ، لا ولاء ولا نكاحا ، (على قدر إرثهم) من الواقف ، (وقفا) عليهم؛ فلا يملكون نقل الملك في رقبته.
وعُلم منه صحة الوقف وإن لم يعين له مصرفا، خلافا لما في الإقناع .
(ويقع الحجب بينهم) - أي ورثة الواقف - فيه (كـ) وقوعه في (إرث)، قاله القاضي، فللبنت مع الابن الثلث وله الباقي، وللأخ من الأم مع الأخ للأب السدس وله ما بقي...
(فإن عدموا) أي ورثة الواقف نسبا (فـ) هو (للفقراء والمساكين) وقفا عليهم؛ لأن القصد بالوقف الثواب الجاري على وجه الدوام، وإنما قدم الأقارب على المساكين لكونهم أولى، فإذا لم يكونوا فالمساكين أهل لذلك" انتهى.
وفي "الموسوعة الفقهية" (44/149): "الأصل في الموقوف عليه أن تكون الجهة الموقوف عليها معلومة، فإذا لم تحدد الجهة أصلا في الوقف كما إذا قال الواقف: وقفت، وسكت، ولم يحدد مصرفا، أو إذا كانت الجهة مجهولة أو مبهمة، كالوقف على رجل غير معين، فقد اختلف الفقهاء في صحته على قولين:
الأول: يرى جمهور الفقهاء صحته ولهم في ذلك تفصيل:
فذهب المالكية والحنابلة وأبو يوسف من الحنفية، والشافعية في مقابل الأظهر: إلى أن الواقف إذا لم يذكر مصرفا بأن قال: وقفت وسكت ولم يعين الجهة الموقوف عليها فإن الوقف يكون صحيحا، لكنهم يختلفون فيما يصير إليه الموقوف:
فعند أبي يوسف يصرف إلى الفقراء وعليه الفتوى، وذلك لأن قوله وقفت يقتضي إزالته إلى الله تعالى، ثم إلى نائبه وهو الفقير، ومثل ذلك في مقابل الأظهر عند الشافعية.
وعند المالكية: من قال داري وقف، ولم يعين مصرفه فإنه يصرف إلى ما يوجهه المالك إن أمكن سؤاله، فإن تعذر سؤاله صرف في غالب ما يُقصد الوقف عليه غالبا في عرف أهل بلد الواقف، كأهل العلم والقراءة، فإن لم يكن غالب لهم فإنه يصرف إلى الفقراء بالاجتهاد.
وعند الحنابلة يصرف إلى ورثته نسبا على قدر إرثهم ويكون وقفا عليهم، فلا يملكون نقل الملك في رقبته، ويقع الحجب بين الورثة كالإرث، فللبنت مع الابن الثلث وله الباقي، وللأخ من الأم مع الأخ للأب السدس وله ما بقي، فإن عدموا فيصرف للفقراء والمساكين وقفا عليهم، ونص الإمام أحمد أنه يصرف في مصالح المسلمين، فيرجع إلى بيت المال.
الثاني: أنه يبطل وهو الأظهر عند الشافعية وهو قول محمد من الحنفية، وبطلانه عند محمد لعدم ذكر التأبيد" انتهى.
ثانيا:
إذا لم يوقف الواقف العقار في حياته، وإنما أوصى بالوقف بعد وفاته، فيصح ويتقيد بالثلث. وينظر: جواب السؤال رقم:(264216).
والثلث يعرف بحصر تركته من عقارات وغيرها، وتقويم ما يحتاج إلى تقويم.
وإذا لم يترك الواقف غير ما جاء في السؤال، فهذا الوقف زائد على ثلث التركة، فينفذ في الثلث فقط، ويتوقف الباقي على إجازة الورثة.
وهذه العقارات قيمتها، بحسب ما هو مذكور: 880 مليونا، ثلثها 293.3 مليونا، فيلزم تنفيذ الوصية في هذا الثلث، على أن يكون ذلك في العقار الخامس والسادس.
وعليكم مراجعة المحكمة الشرعية في ذلك.
والله أعلم.
تعليق