الحمد لله.
الأيمان يرجع فيها إِلى النية، فإِن لم يكن فيها نية، رجع إِلى سبب اليمين وما هيَّجها، وإلا رجع إلى مدلول اللفظ .
فإذا حلفت ألا تكلمي هذا القريب ولا غيره من الأجانب، وقصدت الكلام لغير حاجة، أو الكلام الذي يؤدي للفتنة، أو استثنيت الكلام مع الباعة ونحوهم ممن يوصلون الأغراض إلى المنازل: فلك ما نويت؛ لأن النية تخصص اللفظ العام، وتقيد المطلق.
فإن لم تكن لك نية، رجعنا إلى السبب الباعث على اليمين، والظاهر أنه الرغبة في منعك من أسباب الفتنة التي تنشأ عن التواصل مع الرجال، ومقتضى هذا جواز جواز التكلم مع البائع ومع (مرسول) و (كريم).
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويرجع في الأيمان إِلى النية، فإِن لم يكن فيها نية رجع إِلى سبب اليمين وما هيَّجها؛ فإِذا حلف لَيَقْضِيَنَّه حقه غداً فقضاه قبله: لم يحنث إِذا قصد أن لا يتجاوزه أو كان السبب يقتضيه، وإِن حلف لا يبيع ثوبه إِلا بمائة فباعه بأكثر: لم يحنث، وإِن باعه بأقل حنث، وإِن حلف لا يدخل داراً ونوى اليوم: لم يحنث بالدخول في غيره.
وإِن دعي إِلى غداء فحلف لا يتغدى: اختُصت يمينه به إِذا قصده، وإِن حلف لا يشرب له الماء من العطش، يقصد قطع المِنَّةِ: حنث بأكل خبزه واستعارة دابته، وكل ما فيه المنة.
وإِن حلف لا يلبس ثوباً من غزلها، يقصد قطع مِنَّتِها ، فباعه واشترى بثمنه ثوباً فلبسه : حنث ، وكذلك إِن انتفع بثمنه" انتهى من "المقنع" (4/ 464).
وعليه ؛ فالظاهر أنه يجوز لك أن تتكلمي مع البائع ومع "مرسول" و "كريم" إذا كان لحاجة.
والأحسن أن يكون ذلك كله بعلم أخيك، وإذنه لتقطعي مادة الشك والنزاع والحزازة بينكم، ولئلا يتخذ الشيطان من سبيلا يؤدي بك إلى التساهل في كلام الرجال.
والله أعلم.
تعليق